للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفسَّر ابن عباس السِّجِلَّ بأنه كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمى السِّجِلّ (١). وذلك وهم، وإنما السجلُّ الصحيفة المكتوبة، واللام مثلها في قوله تعالى: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: ١٠٣]، وفي قول الشاعر:

فخرَّ صريعًا لليدينِ وللفمِ (٢)

أي يَطوي السماءَ كما يُطوَى السجلُّ على ما فيه من الكتاب.

وهذا كثيرٌ جدًّا، فكيف يكون تفسير الصحابي حجةً في حكم المرفوع؟

قيل: الكلام في تفسيره كالكلام في فتواه سواء، وصورة المسألة هنا كصورتها هناك سواء بسواء، وصورتها أن لا يكون في المسألة نصٌّ يخالفه، ويقول في الآية قولًا لا يخالفه فيه أحد من الصحابة، سواء عُلِم اشتهارُه أو لم يُعلم، وما ذُكِر من هذه الأمثلة قد فُقِد فيه الأمران، وهو نظير ما رُوي عن بعضهم من الفتاوى التي تخالف النص وهم (٣) مختلفون فيها سواء.

فإن قيل: لو كان قوله حجةً بنفسه لما أخطأ، ولكان معصومًا؛ لتقوم


(١) رواه أبو داود (٢٩٣٥) والنسائي في «الكبرى (١٠/ ١٨٧) والطبراني (١٢/ ١٧٠)، والبيهقي (١٠/ ١٢٦). وضعفه ابن جرير (١٧/ ١١٠) وابن تيمية في «الرد على السبكي» (١/ ٢٦٨، ٢٦٩)، ونقل ذلك عنه المصنف في «تهذيب السنن» (٢/ ٣٢٥) وابن كثير في «البداية والنهاية» (٨/ ٣٤٠). وأغرب ابن حجر فصححه في «الإصابة» (٤/ ٢٢٥).
(٢) هذا شطر بيت لجابر بن حُنَي التغلبي في «المفضليات» (ص ٢١٢) وبيت آخر لحرب بن مسعر في «الأشباه والنظائر» للخالديين (١/ ٦)، وبيت آخر اختُلف في قائله، انظر: «فصل المقال» لأبي عبيد البكري (ص ٣١٣).
(٣) ك، ب: «أوهم».