للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشرطه، ونحو ذلك. وهذا ليس بعلم، ولا يفيد فائدةً أصلًا، سوى حيرة السائل وتبلُّده (١).

وكذلك قول بعضهم في فتاويه: يرجع في ذلك إلى رأي الحاكم (٢). فيا سبحان الله! والله لو كان الحاكم شريحًا وأشباهَه لما كان مردُّ أحكام الله ورسوله إلى رأيه، فضلًا عن حكام زماننا. فالله المستعان.

وسئل بعضهم عن مسألة، فقال: فيها خلاف. فقيل له: كيف يعمل المفتَى (٣)؟ فقال: يختار له القاضي أحد المذهبين (٤).

قال أبو عمرو بن الصلاح (٥): كنت عند أبي السعادات بن الأثير الجزري، فحُكي له عن بعض المفتين أنه سئل عن مسألة، فقال: فيها قولان. فأخذ يُزري عليه، وقال: هذا حَيَدٌ عن الفتوى، ولم يخلِّص السائل من عَمايته، ولم يأت بالمطلوب.

قلت: وهذا فيه تفصيل، فإن المفتي المتمكّنَ من العلم المضطلعَ به قد يتوقف في الصواب في المسألة المتنازَع فيها، فلا يُقدِم على الجزم بغير علم، وغايةُ ما يمكنه أن يذكر الخلاف فيها للسائل.


(١) تبلَّد: تردَّد متحيِّرًا. وفي المطبوع: «وتنكُّده»، ولعله تصحيف.
(٢) انظر: «أدب المفتي والمستفتي» لابن الصلاح (ص ١٣٣).
(٣) في مصدر النقل: «المستفتي».
(٤) المصدر السابق. والمسؤول أبو حامد محمد بن يونس الإِرْبِلي شيخ المَوْصِل (ت ٦٠٨).
(٥) في كتابه المذكور (ص ١٣١) وقارِن ما نقله المصنف بما ورد فيه.