للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكثيرًا ما يُسأل الإمام أحمد وغيره من الأئمة عن المسألة (١) فيقول: فيها قولان، أو قد اختلفوا فيها. وهذا كثير في أجوبة الإمام أحمد لسعة علمه وورعه. وهو كثير في كلام الإمام الشافعي، يذكر المسألة، ثم يقول: فيها قولان. وقد اختلف أصحابه هل يضاف القولان اللذان يحكيهما إلى مذهبه وينسبان إليه أم لا؟ على طريقين.

وإذا اختلف علي وابن مسعود، أو ابن عمر وابن عباس، أو زيد وأُبيّ وغيرهم [١٩٣/ب] من الصحابة، ولم يتبيَّن للمفتي القول الراجح من أقوالهم، فقال: هذه مسألة اختلف فيها فلان وفلان من الصحابة، فقد انتهى إلى ما يقدِر عليه من العلم.

قال أبو إسحاق الشِّيرازي (٢): سمعتُ شيخَنا أبا الطيِّب الطبري يقول: سمعتُ أبا العباس الخُضَري يقول: كنتُ جالسًا عند أبي بكر بن داود الظاهري، فجاءته امرأة، فقالت: ما تقول في رجلٍ له زوجة، لا هو ممسكها ولا هو (٣) مطلقها. فقال لها: اختلف في ذلك أهل العلم، فقال قائلون: تؤمر بالصبر والاحتساب، ويُبْعَث على التطلب والاكتساب. وقال قائلون: يؤمر بالإنفاق، ولا يُحمَل على الطلاق. فلم تفهم المرأة قوله، فأعادت المسألة. فقال: يا هذه أجبتُك عن مسألتك، وأرشدتك إلى طَلِبتِك، ولستُ بسلطان فأُمضي، ولا قاضٍ فأقضي، ولا زوجٍ فأُرضي؛ انصرِفي.


(١) في النسخ المطبوعة: «مسألة».
(٢) في «طبقات الفقهاء» (ص ١٧٥ - ١٧٦) وقد يكون النقل من «أدب المفتي والمستفتي» لابن الصلاح (ص ١٣٢ - ١٣٣).
(٣) «هو» ساقط من ز، وكذا في مصدر النقل والنسخ المطبوعة.