للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشيء فليرجع إليه. ثم لبث أيامًا لا يُفتي حتى وجد (١) صاحبَ الفتوى، فأعلمه أنه قد أخطأ، وأن الصواب خلاف ما أفتاه به (٢).

قال القاضي أبو يعلى في «كفايته» (٣): من أفتى بالاجتهاد ثم تغيَّر اجتهاده لم يلزمه إعلامُ المستفتي بذلك إن كان قد عمل به، وإلا أعلَمه.

والصواب: التفصيل. فإن كان المفتي ظهر له الخطأ قطعًا بكونه (٤) خالف نصَّ الكتاب أو السنة التي لا معارض لها، أو خالف إجماعَ الأمة، وجب عليه (٥) إعلام المستفتي. وإن كان [٢٠٨/ب] إنما ظهر له أنه خالف مجرَّدَ مذهبه أو نصَّ إمامه لم يجب عليه إعلام المستفتي.

وعلى هذا تُخرَّج قصة ابن مسعود، فإنه لما ناظر الصحابةَ في تلك المسألة بيَّنوا له أن صريح الكتاب يحرِّمها، لكون الله أبهمها فقال: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}، وظنَّ عبد الله أن قوله: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] راجع إلى الأول والثاني. فبيَّنوا له أنه إنما يرجع إلى أمهات


(١) في النسخ المطبوعة: «جاء»، وفي مصادر التخريج كما أثبت من النسخ الخطية هنا وفيما سبق.
(٢) «أدب المفتي والمستفتي» (ص ١١٠). وقد رواه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (١٢٠٩) ــ وعنه ابن الجوزي في «تعظيم الفتيا» (٣٤) ــ من طريق علي بن محمد النخعي، عن محمد بن أحمد بن الحسن بن زياد، عن أبيه، وفيه مَن لا أعرف.
(٣) نقله منه ابن حمدان في «صفة الفتوى» (ص ٣١).
(٤) في النسخ المطبوعة: «لكونه».
(٥) في النسخ المطبوعة: «الأمة فعليه».