للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا بان للمفتي أنه خالف إمامه ووافق قول الأئمة الثلاثة لم يجب على الزوج أن يفارق امرأته, ويخرِّب بيتَه, ويشتِّت شملَه وشملَ أولاده, بمجرَّد كون المفتي ظهر له أن ما أفتى به خلافُ نصِّ إمامه. ولا يحِلُّ له أن يقول له: «فارِقْ أهلَك» بمجرَّد ذلك، ولا سيما إن كان النص مع قول الثلاثة.

وبالجملة فبطلان هذا القول أظهر من أن نتكلَّف بيانه.

فإن قيل: فما تقولون لو تغيَّر اجتهاد المفتي، فهل يلزمه إعلام المستفتي؟

قيل: اختُلِف في ذلك. فقيل: لا يلزمه إعلامه، فإنه عمل أولًا بما يسوغ له، فإذا لم يعلم بطلانه لم يكن آثمًا، فهو في سعة من استمراره. وقيل: بل يلزمه إعلامه، لأن ما رجع عنه قد اعتقد بطلانه، وبان له أنَّ ما أفتاه (١) ليس من الدين، فيجب عليه إعلامه؛ كما جرى لعبد الله بن مسعود حين أفتى رجلًا بحِلِّ أم امرأته التي فارقها قبل الدخول، ثم سافر إلى المدينة وتبيَّن له خلاف هذا القول، فرجع إلى الكوفة، وطلب الرجل (٢)، وفرَّق بينه وبين أهله (٣). وكما جرى للحسن بن زياد اللؤلؤي لما استُفتي في مسألة، فأخطأ فيها، ولم يعرف الذي أفتاه (٤)، فاستأجر مناديًا ينادي أن الحسن بن زياد استُفْتي يومَ (٥) كذا وكذا في مسألة، فأخطأ. فمن كان أفتاه الحسن بن زياد


(١) في النسخ المطبوعة بعده: «به».
(٢) في النسخ المطبوعة: «هذا الرجل».
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «به».
(٥) في النسخ المطبوعة: «في يوم» بزيادة «في».