للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالفه من خالفه. وإن كانت دلالته خفيَّةً لا يتبيَّن له المراد منها لم يجُز له أن يعمل ولا يفتي بما يتوهَّمه مرادًا، حتَّى يسأل ويطلب بيان الحديث ووجهه.

وإن كانت دلالةً (١) ظاهرةً، كالعامِّ على أفراده، والأمر على الوجوب، والنهي على التحريم؛ فهل له العمل والفتوى به؟ يخرَّج على أصلٍ، وهو العمل بالظواهر قبل البحث عن المُعارض. وفيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره: الجواز، والمنع، والفرق بين العامِّ (٢) فلا يُعمَل به قبل البحث عن المخصِّص، والأمرِ [٢١٢/أ] والنهيِ فيُعمَل به قبل البحث عن المعارض. وهذا كلُّه إذا كان ثَمَّ نوعُ أهليّةٍ، ولكنه قاصر في معرفة الفروع وقواعد الأصوليين والعربية. وإذا لم تكن ثمة أهليةٌ قطُّ ففرضُه ما قال الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] وقولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «ألَّا سألوا إذا لم يعلموا، إنما شفاءُ العِيِّ السؤال» (٣). وإذا جاز اعتماد المستفتي على ما يكتبه المفتي من كلامه أو كلام شيخه، وإن علا صُعُدًا (٤) فمن كلام إمامه؛ فلَأن يجوزَ اعتمادُ الرجل على ما كتبه الثقات من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى بالجواز. وإذا قُدِّر أنه لم يفهم الحديث كما لو لم يفهم


(١) في النسخ المطبوعة: «دلالته».
(٢) في النسخ المطبوعة بعده: «والخاص». أثبته الشيخ محمد محيي الدين بين معقوفين، وقال في تعليقه: «زيادة في نسخة، ولا داعي لها». قلت: بل أخطأ مَن زادها إذ لم يفهم السياق ولم يدر أن المعطوف هو «الأمر والنهي». وقد أثبتها في المطبوع أيضًا، ونقل تعليق الشيخ, وقال: «ما بين المعقوفتين سقط من (ت)، و (ط)، و (ق)»!
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) في النسخ المطبوعة: «وصعد».