للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحب الشريعة: «لا صلاة له»، وأمره بالإعادة (١).

أو يُسأل: هل للرجل رخصة في ترك الجماعة من غير عذر؟ فيقول: نعم له رخصة. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا أجد لك رخصة» (٢).

أو يُسأل عن رجل أسلف رجلًا مالَه وباعه سلعةً: هل يحِلُّ ذلك؟ فيقول: نعم يحِلُّ ذلك. وصاحبُ الشرع يقول: «لا يحِلُّ سلف وبيع» (٣).

ونظائر ذلك كثيرة جدًّا. وقد كان السلف الطيِّب يشتدُّ نكيرهم وغضبهم على من عارض حديثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأي أو قياس أو استحسان، أو قول أحد من الناس كائنًا من كان؛ ويهجرون فاعل ذلك. وينكرون على من يضرب له الأمثال، ولا يسوِّغون غيرَ الانقياد له والتسليم والتلقِّي بالسمع والطاعة. ولا يخطر بقلوبهم التوقُّف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس أو يوافق قول فلان وفلان. بل كانوا عاملين بقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]، وبقوله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) رواه بهذا اللفظ أحمد (١٥٤٩٠)، وأبو داود (٥٥٢)، وابن ماجه (٧٩٢)، من حديث ابن أبي مكتوم، فيه أبو رزين ــ مسعود بن مالك الأسدي ــ لم يسمع منه. انظر: «جامع التحصيل» (ص ٣٤٣) و «تهذيب التهذيب» (١٠/ ١١٩). ومع ذلك صححه ابن خزيمة (١٤٨٠)، والحاكم (١/ ٢٤٧)، وحسنه النووي في «المجموع» (٤/ ١٩١)، وابن الملقن في «تحفة المحتاج» (ص ٤٣٢). وأصل الحديث في مسلم (٦٥٣) من حديث أبي هريرة: «أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى ... ».
(٣) تقدَّم تخريجه.