للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأيًا، وندين الله به عقدًا (١): اتباعُ سلف الأمة. فالأول (٢) الاتباع، وترك الابتداع. والدليل السمعي القاطع في ذلك: أن إجماع الأمة حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة. وقد درَج صحبُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم على تركِ التعرُّضِ لمعانيها ودركِ ما فيها. وهم صفوة الإسلام، والمستقلُّون بأعباء الشريعة. وكانوا لا يألون جهدًا في ضبط قواعد الملَّة والتواصي بحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها. ولو كان تأويل هذه الظواهر مسوغًا أو محتومًا لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة. وإذا انصرم (٣) عصرُهم وعصرُ التابعين لهم على الإضراب عن التأويل كان ذلك قاطعًا بأنه الوجه المتَّبَع. فحقٌّ على ذي الدين أن يعتقد تنزُّهَ (٤) الباري عن صفات المحدَثين، ولا يخوض في تأويل المشكلات، ويكل معناها إلى الرَّبِّ تعالى. وعند إمام القُرَّاء وسيِّدهم الوقوفُ على قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} من العزائم، ثم الابتداء بقوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (٥) [آل عمران: ٧]. ومما استُحْسِن من كلام مالك إذ (٦)

سئل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] كيف استوى؟ فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.


(١) في مطبوعة «النظامية»: «عقلًا»، وهو تحريف.
(٢) كذا في النسخ و «النظامية». وفي «السير» والنسخ المطبوعة: «فالأولى».
(٣) ب: «تصَّرم»، وكذا في «السير».
(٤) كذا في النسخ و «النظامية». وفي النسخ المطبوعة: «تنزيه».
(٥) زيد في النسخ المطبوعة: «يقولون آمنا به».
(٦) في النسخ المطبوعة: «أنه»، وكذا في مطبوعة «النظامية» ..