للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، إذ دخل عليه رجل فقال: يا أميرَ المؤمنين هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة. فقال عمر: عليَّ به. فجاء زيد، فلما رآه عمر فقال عمر: أيْ عدوَّ نفِسه قد بلغتَ أن تفتي الناس برأيك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، والله ما فعلتُ، ولكن سمعتُ من أعمامي حديثًا، فحدَّثتُ به: من أبي أيوب، ومن أبي بن كعب، ومن رفاعة بن رافع. فقال عمر: عليَّ برفاعة بن رافع، فقال: قد كنتم تفعلون ذلك إذا أصاب أحدُكم المرأةَ فأكسَلَ، لم يغتسل (١)؟ قال: قد كنَّا نفعل ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم يأتنا فيه عن الله تحريم، ولم يكن فيه من (٢) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء (٣). فقال عمر: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم ذلك؟ قال: ما أدري. فأمر عمرُ بجمع (٤) المهاجرين والأنصار، [٣٠/ب] فجُمِعوا، فشاورَهم فأشار الناسُ أن لا غسلَ؛ إلا ما كان من معاذ وعلي، فإنهما قالا: إذا جاوز الختانُ الختانَ وجب الغسل. فقال عمر: هذا وأنتم أصحابُ بدر قد اختلفتم، فمَن بعدكم أشدُّ اختلافًا. فقال علي: يا أمير المؤمنين إنه ليس أحدٌ أعلمَ بهذا من شأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه. فأرسَلَ إلى حفصة فقالت: لا علم لي بهذا، فأرسَلَ إلى عائشة فقالت: إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسلُ. فقال: لا أسمع برجلٍ فعَلَ ذلك إلا أوجعتُه ضربًا.


(١) في جميع النسخ الخطية والمطبوعة: "أن يغتسل"، والظاهر أن "أن" تحريف "لم" لوصل أسفل الهمزة بالنون. والصواب ما أثبت من "المصنَّف" و"الصادع" ومنه النقل.
(٢) ع: "عن". وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) ساقط من ت. وفي "المصنَّف" و"الصادع": "نهي"، فلا يبعد أن يكون ما في النسخ محرَّفًا عنه.
(٤) ما عدا س، ت: "بجميع".