للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاستدلال. فأما مع جهله وبعده جدًّا عن سيرة الإمام وعلمه وطريقه، فكيف يصح له الانتساب إليه إلا بالدعوى المجرَّدة والقول الفارغ من [كلِّ] (١) معنى؟ فالعامِّيّ (٢) لا يُتصوَّر أن يصحَّ له مذهب، ولو تصوِّر ذلك لم يلزمه ولا لغيره. ولا يلزم أحدًا قطُّ أن يتمذهب بمذهب رجل من الأمة (٣) بحيث يأخذ أقواله كلَّها، ويدع أقوال غيره.

وهذه بدعة قبيحة حدثت في الأمة، لم يقل بها أحد من أئمة الإسلام، وهم أعلى رتبةً، وأجلُّ قدرًا، وأعلم بالله ورسوله، من أن يُلزموا الناس بذلك. وأبعَدُ منه قولُ من قال: يلزمه أن يتمذهب بمذهب [٢٢٠/ب] عالم من العلماء. وأبعَدُ منه قولُ من قال: يلزمه أن يتمذهب بأحد المذاهب الأربعة.

فيالله العجب! ماتت مذاهب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومذاهب التابعين وتابعيهم وسائر أئمة الإسلام، وبطلت جملةً إلا مذاهبَ أربعة أنفس فقط من بين سائر الأئمة والفقهاء! وهل قال ذلك أحد من الأئمة، أو دعا إليه، أو دلت عليه لفظة واحدة من كلامه عليه؟ والذي أوجبه الله ورسوله على الصحابة والتابعين وتابعيهم هو الذي أوجبه على من بعدهم إلى يوم القيامة. لا يختلف الواجب ولا يتبدَّل. وإن اختلفت كيفيته أو قدره باختلاف القدرة والعجز والزمان والمكان والحال، فذلك أيضًا تابع لما أوجبه الله ورسوله.


(١) من النسخ المطبوعة.
(٢) في النسخ المطبوعة: «والعامي».
(٣) ب: «الأئمة».