للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن صحَّح للعامي مذهبًا قال: هو قد اعتقد أن هذا المذهب الذي انتسب إليه هو الحق، فعليه الوفاء بموجب اعتقاده. وهذا الذي قاله هؤلاء لو صحَّ للزم منه تحريمُ استفتاء أهل غير المذهب الذي انتسب إليه، وتحريمُ تمذهبه بمذهب نظير إمامه أو أرجح منه، أو غير ذلك من اللوازم التي يدلّ فسادُها على فساد ملزوماتها. بل يلزم منه أنه إذا رأى نصَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قول خلفائه الأربعة مع غير إمامه= أن يترك النص وأقوال الصحابة، ويقدِّم عليها قول من انتسب إليه.

وعلى هذا، فله أن يستفتي من شاء من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم، ولا يجب عليه ولا على المفتي أن يتقيَّد بالأربعة (١) بإجماع الأمة، كما لم يجب (٢) على العالم أن يتقيَّد بحديث أهل بلده أو غيره من البلاد، بل إذا صحَّ الحديث وجب عليه العمل به حجازيًّا كان أو عراقيًّا أو شاميًّا أو بصريًّا (٣) أو يمنيًّا.

وكذلك لا يجب على الإنسان التقيُّد بقراءة السبعة المشهورين باتفاق المسلمين، بل إذا وافقت القراءةُ رسمَ المصحف الإمام، وصحَّت في العربية، وصحَّ سندها= جازت القراءة بها، وصحَّت الصلاة بها اتفاقًا. بل لو قرأ بقراءة تخرج عن مصحف عثمان، وقد قرأ بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة (٤) بعده، جازت القراءة بها، ولم تبطل الصلاة بها على أصحِّ


(١) في النسخ المطبوعة: «بأحد من الأئمة الأربعة».
(٢) في النسخ المطبوعة: «لا يجب».
(٣) في النسخ المطبوعة: «مصريًّا».
(٤) في النسخ المطبوعة: «والصحابة».