للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولرجلٍ أجر. فأما الذي له أجر، فرجلٌ ربطها في سبيل الله، فأطال لها في مَرْج أو روضة، فما أصابت في طِيَلِها (١) ذلك من المَرْج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنه انقطع طِيَلُها فاستنَّت شَرَفًا أو شَرَفَين (٢) كانت له آثارها وأرواثها حسنات. ولو أنها مرَّت بنهر، فشربت منه، ولم يُرد أن يسقيها [٢٢٨/أ] كانت له حسنات، فهي لذلك الرجل أجر. ورجلٌ ربطها تغنِّيًا وتعفُّفًا، ثم لم ينسَ حقَّ الله في رقابها ولا في ظهورها، فهي لذلك الرجل سِتْر. ورجل ربَطها فخرًا ورياءً ونِواءً (٣) لأهل الإسلام، فهي على ذلك وزر».

وسئل - صلى الله عليه وسلم - عن الحُمُر؛ فقال: «ما أُنزل (٤) عليَّ فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذَّة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧ - ٨]. ذكره مسلم (٥).

وسألته - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة فقالت: إني ألبس أوضاحًا (٦) من ذهب، أكنز هو؟ قال: «ما بلغ أن تؤدَّى زكاته، فزُكِّي، فليس بكنز». ذكره مالك (٧).


(١) الطِّيَل والطِّوَل: الحبل الطويل الذي شُدَّ أحد طرفيه في يد الفرس، والآخر في وتد أو غيره.
(٢) أي جرت شوطًا أو شوطين.
(٣) يعني: مناوأة.
(٤) ك، ب: «أنزل الله تعالى».
(٥) برقم (٩٨٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٦) جمع وَضَح، وهو نوع من الحلي.
(٧) لم أجده في «الموطَّأ»، ولكنه عنده بنحوه عن ابن عمر وأبي هريرة موقوفًا عليهما (١/ ٢٥٦). والحديث رواه أبو داود (١٥٦٤) من حديث أم سلمة، وفيه عتاب بن بشير، فيه لين، وعطاء لم يسمع من أم سلمة. ورواه أيضًا الطبراني (٢٣/ ٢٨١)، والدارقطني (١٩٥٠)، والحاكم (١/ ٣٩٠) ــ ومن طريقه البيهقي (٤/ ٨٢) ــ بإسناد كلهم ثقات، غير أنه منقطع كما سلف. ورواه ابن عبد البر في «الاستذكار» (٩/ ١٢٦) مستشهدًا به، وقال: وإن كان في إسناده مقال، فإنه يشهد بصحته ما قدمنا ذكره، أي من آثار الصحابة. وانظر: «التمهيد» (١٧/ ١٤٦). وحسنه ابن القطان (٥/ ٣٦٣)، وابن الملقن في «التوضيح» (١٠/ ٤٣٩). وحسّن الألباني المرفوع منه، انظر: «الصحيحة» (٥٥٩).