للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسأله - صلى الله عليه وسلم - بعض الأنصار، فقالوا: قد كان لنا جملٌ نَسْني (١) عليه، وإنه قد استصعَبَ علينا، ومنعنا ظهرَه، وقد عطِش الزرع والنخل. فقال لأصحابه: «قوموا». فقاموا. فدخل الحائط، والجمل في ناحيته، فمشى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نحوه، فقالت الأنصار: يا نبيَّ الله إنه قد صار مثل الكَلْب الكَلِب، وإنا نخاف عليك صولته، فقال: «ليس عليَّ منه بأس». فلما نظر الجملُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل نحوه حتى خرَّ ساجدًا بين يديه. فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بناصيته أذلَّ ما كان قطُّ حتى أدخَلَه في العمل. فقال له أصحابه (٢): يا نبيَّ الله، هذا بهيمة لا تعقل، تسجد لك؛ ونحن نعقل، فنحن أحقُّ أن نسجد لك. قال: «لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر. ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها من عِظَم حقِّه عليها. والذي نفسي بيده، لو كان من قدمه إلى مَفْرِق رأسه يتبجَّس (٣) بالقَيح والصديد ثم استقبلته تلحَسُه ما أدَّتْ حقَّه». ذكره أحمد (٤).


(١) في النسخ الخطية والمطبوعة: «نسير»، وهو تصحيف ما أثبت من «المسند» (١٢٦١٤). وفي أول الحديث فيه: «كان أهل بيت من الأنصار لهم جملٌ يسنُون عليه ... ». والواوي أشهر من اليائي. ويسنون عليه، أي يسقون عليه.
(٢) ك: «الصحابة»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) أثبت في المطبوع: «تتبجَّس» من «المسند»، وذهب عليه أنه فيه صفة للقرحة.
(٤) برقم (١٢٦١٤) من حديث أنس. ورواه أيضًا أبو نعيم في «الدلائل» (٢٨٧)، والضياء (١٨٩٥). وفيه خلف بن خليفة، وكان قد اختلط. وله شاهد مختصر عند الترمذي (١١٦١)، وابن حبان (٤١٦٢) .. حسَّنه المنذري في «الترغيب» (٣/ ٩٩)، وابن كثير في «البداية» (٦/ ١٤١). وقال محققو «المسند»: «صحيح لغيره دون قوله: «والذي نفسي بيده لو كان من قدمه ... حقَّه». وهذا الحرف تفرَّد به حسين المرُّوذي عن خلف بن خليفة، وخلف كان قد اختلط قبل موته».