للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأخذ المشركون مع مريديهم بسجود الجمل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتركوا قوله: «لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر»! وهؤلاء شرٌّ من الذين يتَّبعون المتشابه ويدَعُون المحكم.

وسئل - صلى الله عليه وسلم -، فقيل له: إن أهل الكتاب يتخفَّفون، ولا ينتعلون. يعني: في الصلاة. قال: «فتخفَّفُوا (١)، وانتعلوا، وخالفوا أهل الكتاب». قالوا: فإن أهل الكتاب يقصُّون عثانينهم، ويوفِّرون سِبالهم. فقال: «قُصُّوا سِبالَكم، ووفِّروا عثانينكم، وخالفوا أهلَ الكتاب». ذكره أحمد (٢).

وسأله - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقال: يا نبيَّ الله، مررتُ بغارٍ فيه شيءٌ من ماء، فحدَّثتُ نفسي بأن أقيم فيه، فيقوتني ما فيه من ماء، وأصيبُ ما حوله من البقل، وأتخلَّى عن الدنيا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إني لم أُبعَث باليهودية ولا بالنصرانية، ولكني بُعِثْتُ بالحنيفية السمحة. والذي نفسُ محمد بيده، لَغَدوةٌ أو رَوحةٌ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولَمَقامُ أحدكم في الصفِّ خيرٌ من صلاته ستين سنة» (٣).


(١) في النسخ الخطية: «يتحفون ... فتحفوا» بإهمال الحاء. وفي الطبعات القديمة: «يحتفون ... فاحتفوا». وفي المطبوع: «يحتفون ... فتحفوا». والصواب ما أثبت من «المسند» وغيره. و «يتخفَّفون» أي يلبسون الخفّ. فإن صح ما في النسخ فهو: «يتخفَّون فتخَفَّوا»، مثل تظنَّى من تظنَّن، وتقضَّى من تقضَّض. قلب الحرف الأخير ياءً لتوالي الأمثال.
(٢) برقم (٢٢٢٨٣) من حديث أبي أمامة. ورواه أيضًا الطبراني (٨/ ٢٣٦)، والبيهقي في «الشعب» (٥٩٨٧). وفيه زيد بن يحيى، حسن الحديث. انظر: «مجمع الزوائد» (٥/ ١٣١).
(٣) رواه أحمد (٢٢٢٩١) والطبراني (٨/ ٢١٦) من حديث أبي أمامة. وفيه معان بن رفاعة وعلي بن يزيد، فيهما لين. ضعفه الهيثمي (٥/ ٢٧٩)، والعيني في «عمدة القاري» (١٤/ ١٢٩).