للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبينه. فأخذت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حميَّة (١)، فدعا بركانة وإخوته، ثم قال لجلسائه: «أترون أن فلانًا يُشبِه (٢) منه كذا وكذا من عبد يزيد، وفلانًا منه كذا وكذا؟». قالوا: نعم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد يزيد: «طلِّقْها». ففعل، فقال: «راجِعْ امرأتَك أمَّ ركانة وإخوتِه». فقال: إني طلقتها ثلاثًا يا رسول الله. قال: «قد علمتُ، راجِعْها». وتلا {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] (٣). قال أبو داود (٤): حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الرزاق، فذكره.

فهذه طريقة أخرى متابعة لابن إسحاق. والذي يخاف من ابن إسحاق التدليس، وقد قال: «حدَّثني». وهذا مذهبه. وبه أفتى ابن عباس في إحدى الروايتين عنه. صحَّ عنه ذلك، وصحَّ عنه إمضاء الثلاث موافقة لعمر - رضي الله عنه - (٥).

وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أن الثلاث كانت واحدة في عهده، وعهد أبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر - رضي الله عنهما - (٦). وغايةُ ما يقدَّر مع بُعده أن الصحابة كانوا على ذلك، ولم يبلغه. وهذا وإن كان كالمستحيل فإنه يدل على أنهم كانوا يفتون في حياته وحياة الصدِّيق بذلك، وقد أفتى هو - صلى الله عليه وسلم - به. فهذه فتواه


(١) لفظ «حمية» ساقط من النسخ. وفي النسخ المطبوعة: «حميته».
(٢) ز، ك: «شبه»، وبتنوين الهاء في ز.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) برقم (٢١٩٦).
(٥) تقدم تخريج الروايتين.
(٦) تقدم تخريجه.