للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتغليطٌ للصحابة. فقد جرى من الخلفاء الراشدين من القتل والمَثْل (١) ما لا يجحده عالم بالسِّير (٢). ولو لم يكن إلا تحريق المصاحف (٣) كان رأيًا اعتمدوا فيه على مصلحة. وكذلك تحريقُ علي الزنادقةَ في الأخاديد (٤)، ونفيُ عمر نصرَ بن حجَّاج (٥).

قلت (٦): هذا موضعٌ مزِلَّة أقدام، ومضِلَّة أفهام، وهو مقام ضَنْكٌ ومعترك صعب، فرَّط فيه طائفة، فعطَّلوا الحدود، وضيَّعوا الحقوق، وجرَّؤوا أهل الفجور على الفساد، وجعلوا الشريعةَ قاصرةً لا تقوم بمصالح العباد. وسدُّوا على أنفسهم طرقًا صحيحةً من الطرق التي يُعرَف بها المُحِقُّ من المبطل، وعطَّلوها مع علمهم وعلمِ الناس (٧) أنها أدلَّة حقٍّ، ظنًّا منهم منافاتها لقواعد الشرع. والذي أوجبَ لهم ذلك نوعُ تقصيرٍ في معرفة حقيقة الشريعة والتطبيق بين الواقع وبينها. فلما رأى ولاةُ الأمر ذلك وأن الناس لا يستقيم أمرهم إلا بشيء زائد على ما فهمه هؤلاء من الشريعة، فأحدثوا (٨)


(١) كذا في «بدائع الفوائد». وفي «الطرق الحكمية»: «التمثيل». والمَثْل هو التمثيل.
(٢) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة. وفي «البدائع» و «الطرق الحكمية»: «بالسنن».
(٣) رواه البخاري (٤٩٨٧) من حديث أنس.
(٤) رواه البخاري (٣٠١٧) من حديث ابن عباس.
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) كلام ابن عقيل. وتعقيب المؤلف عليه إلى آخر الأمثلة ورد بيسير من الاختلاف في اللفظ في «بدائع الفوائد» (١٠٨٧ - ١٠٩٢) و «الطرق الحكمية» (١/ ٢٩ - ٤٨).
(٧) بعده في النسخ المطبوعة زيادة: «بها».
(٨) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة بالفاء، وهو جواب «لما».