للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأجلها ألفاظَ النصوص التي وجدوا السبيل إلى تكذيب رُواتها وتخطئتهم، ومعانيَ النصوص التي لم يجدوا إلى ردِّ ألفاظها سبيلًا، فقابلوا النوعَ الأولَ بالتكذيب، والنوعَ الثانيَ بالتحريف والتأويل.

فأنكروا لذلك رؤيةَ المؤمنين ربَّهم في الآخرة، وأنكروا كلامَه وتكليمَه لعباده، وأنكروا مباينتَه للعالم، واستواءَه على عرشه، وعلوَّه على المخلوقات، وعمومَ قدرته على كلِّ شيء. بل أخرجوا أفعال عباده من الملائكة والأنبياء والجنِّ والإنس عن تعلُّق قدرته ومشيئته وتكوينه بها (١)، ونفَوا لأجلها حقائقَ ما أخبَر به عن نفسه وأخبر به رسولُه من صفات كماله ونعوت جلاله. وحرَّفوا لأجلها النصوصَ عن مواضعها، وأخرجوها عن معانيها وحقائقها بالرأي المجرَّد الذي حقيقتُه أنه زُبالةُ الأذهان، ونُحاتة (٢) الأفكار، وعُصارة (٣) الآراء ووساوس الصدور. فملؤوا به الأوراق سوادًا،


(١) في النسخ المطبوعة: "لها"، تصحيف.
(٢) كذا في جميع النسخ. وقد جمع المؤلف بينها وبين الزبالة في قوله في النونية:
طوبى لهم لم يعبؤوا بنُحاتة الْـ ... أفكار أو بزُبالة الأذهانِ
وقال فيها أيضًا:
جاؤوكم بالوحي لكن جئتمُ ... بنحاتة الأفكار والأذهان
وانظر: "إغاثة اللهفان" (١/ ٢٠٦) و"اجتماع الجيوش" (٢/ ٥٨). وفي النسخ المطبوعة: "نخالة"، وكذا وقع في "اجتماع الجيوش" (٢/ ٥٤) و"الصواعق" (٢/ ٤٣٣)، وأخشى أن يكون تصحيفًا مع صحة معناه.
(٣) ع: "عقارة"، وفي غيرها: "عفارة"، وكذا في النسخ المطبوعة، ولا معنى لها بالفاء ولا بالقاف. والكلمات التي استعملها المؤلف في هذا السياق: النُّفاية، والكناسة، مع الزبالة، والنحاتة. ولعل الصواب ما أثبت. وكذا في بعض النسخ المعتمدة في المطبوع.