للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقلوبَ شكوكًا، والعالمَ فسادًا.

وكلُّ من له مُسكةٌ من عقل يعلم أنَّ فساد العالم وخرابه إنما نشأ من تقديم الرأي على الوحي، والهوى على العقل. وما استحكم هذان الأصلان الفاسدان في قلب إلا استحكم هلاكُه، [٣٧/ب] ولا في أمَّةٍ إلا وفسد أمرُها أتمَّ فساد. فلا إله إلا الله، كم نُفِي بهذه الآراء من حقٍّ، وأُثبِتَ بها من باطل، وأُمِيت بها من هُدًى، وأُحْيِيَ بها من ضلالة! وكم هُدِم بها من معقِلٍ للإيمان (١)، وعُمِر بها من دَيْرٍ (٢) للشيطان (٣)! وأكثرُ أصحاب الجحيم هم أهلُ هذه الآراء الذين لا سمع لهم ولا عقل، بل هم شرٌّ من الحُمُر، وهم الذين يقولون يوم القيامة: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: ١٠].

النوع الرابع: الرأي الذي أُحدثت به البدعُ، وغُيِّرت به السُّنن، وعَمَّ به البلاء، وتربَّى عليه الصغير، وهَرِم فيه الكبير.

فهذه الأنواع الأربعة من الرأي الذي اتفق سلف الأمة وأئمتها على ذمِّه وإخراجه من الدين.

النوع الخامس: ما ذكره أبو عمر بن عبد البر (٤) عن "جمهور أهل العلم أنَّ الرأي المذموم في هذه الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه (٥)


(١) س، ع: "الإيمان"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) في ع ما يشبه "دين"، وكذا في النسخ المطبوعة، وهو تصحيف.
(٣) ع: "الشيطان"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٤) في "جامع بيان العلم" (٢/ ١٠٥٤).
(٥) ح: "الصحابة".