للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القياس والرأي (١) قولُه وقولُ الإمام أحمد. وليس المراد بالحديث الضعيف في اصطلاح السلف هو الضعيف في اصطلاح المتأخِّرين، بل ما يسمِّيه المتأخرون حسنًا قد يسمِّيه المتقدمون ضعيفًا، كما تقدَّم بيانه (٢).

والمقصود: أن السلف جميعهم على ذمِّ الرأي والقياس المخالف للكتاب والسنة، وأنه لا يحِلُّ العملُ به لا فُتيا (٣) ولا قضاءً، وأنَّ الرأي الذي لا يُعلَم مخالفتُه للكتاب والسنَّة ولا موافقتُه، فغايتُه أن يسوغ العملُ به عند الحاجة إليه، من غير إلزام ولا إنكار على من خالفه.

قال أبو عمر بن عبد البرِّ (٤): ثنا عبد الرحمن بن يحيى، ثنا أحمد بن سعيد بن حزم، ثنا عبد الله (٥) بن يحيى بن يحيى (٦) عن أبيه أنه كان يأتي ابنَ وهب فيقول له: من أين؟ فيقول له: من عند ابن القاسم. فيقول له ابنُ وهب: اتَّقِ الله؛ فإنَّ أكثر هذه المسائل رأي (٧).


(١) زاد بعضهم في طرَّة ح، ت: "فهذا"، وفي ف: "فهو".
(٢) في (ص ٦٥).
(٣) ت: "لإفتاءٍ".
(٤) في "جامع بيان العلم" (٢١٧٥)، وعنه ابن حزم في "الصادع" (٣٥٨) و"الإحكام" (٦/ ٥٤) عن عبد الرحمن بن يحيى به، وسنده صحيح.
(٥) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة، وكذا في بعض نسخ "الصادع" ــ مصدر المؤلف ــ وملخص إبطال القياس (ص ٦٨) وأصل "جامع بيان العلم". والصواب: عبيد الله كما في "الإحكام" ومطبوعتي "الصادع" و"الجامع".
(٦) ف: "عبد الله بن يحيى" فقط. وكذا في أكثر النسخ المطبوعة.
(٧) لم ينقل ابن حزم ــ والمؤلف صادر عن كتابه ــ أول هذا الأثر، وهو قول يحيى بن يحيى الليثي: "كنتُ آتي ابنَ القاسم، فيقول لي: من أين؟ فأقول: من عند ابن وهب، فيقول: اللهَ اللهَ، اتَّقِ الله، فإن أكثر هذه الأحاديث ليس عليها العمل. قال: ثم آتي ابنَ وهب ... " إلخ. انظر: "جامع بيان العلم" و"ترتيب المدارك" (٣/ ٣٨٦).