للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأمةُ معصومةٌ فيما تواطأت عليه من روايتها ورؤياها ورأيها. ولهذا كان من سَداد الرأي وإصابته أن يكون شورى بين أهله، ولا ينفرد به واحد. وقد مدح الله سبحانه [٤٦/ب] المؤمنين بكون أمرهم شورى بينهم.

وكانت النازلة إذا نزلت بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ليس عنده فيها نصٌّ عن الله ولا عن رسوله، جَمَع لها أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم جعلها شورى بينهم (١).

قال البخاري (٢): ثنا سُنَيد ثنا يزيد عن العوَّام بن حَوشَب، عن المسيِّب بن رافع قال: كان إذا جاء الشيءُ (٣) من القضاء ليس في الكتاب ولا في السنة سُمِّى "صوافيَ الأمراء" (٤)، فرُفِعَ إليهم، فجُمِع له (٥) أهلُ العلم.


(١) رواه البيهقي في "السنن الكبير" (١٠/ ١١٤)، وسنده منقطع؛ إذ ميمون بن مهران لم يُدرك عمر - رضي الله عنه -.
(٢) ومرَّة رابعة توهَّم المصنف أن الراوي عن سُنَيْد هو البخاري، فعزاه إليه. وإنما هو محمدُ بن إسماعيل بن سالم الصائغ المكي. ومن طريقه أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (٢٠٧١)، وسُنيدٌ فيه لينٌ.
(٣) ت: "شيء". وفي النسخ المطبوعة: "جاءه الشيء"، والصواب ما أثبت من النسخ و"جامع بيان العلم". وفي "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (١٠/ ٣٤): "جاءهم".
(٤) في النسخ المطبوعة: "الأمر"، وكذا في شرح ابن بطال، وهو خطأ. وقد أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٩٦) عن شريح قال: كتب إليَّ عمر - رضي الله عنه - بخمس من صوافي الأمراء: أن الأسنان سواء، والأصابع سواء ... إلخ. وقال المحشي ــ ولعله الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي - رحمه الله - ــ في تفسير الكلمة: " ... المراد هنا: القضايا التي لا نصَّ فيها، وإنما يجتهد فيها الأئمة والقضاة". ويوضِّحها أثر المسيب بن رافع هذا أيَّما توضيح، ولكن لم أر من فسَّرها من أصحاب الغريب والمؤلفين في مصطلحات الفقه.
(٥) في المطبوع: "لهم"، خطأ.