للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلماء؛ لأنه يجب عليه الحكم بالعدل، وذلك يستلزم أن يكون عدلًا في نفسه. فأبو حنيفة لا يعتبر إلا العدالة. والشافعي وطائفة من أصحاب أحمد يعتبرون معها الاجتهاد (١). وأحمد يوجب تولية الأصلح فالأصلح من الموجودين (٢)، وكلُّ زمان بحسبه. فيقدَّم الأديَن العدلُ على الأعلم الفاجر، وقضاةُ السنة على قضاة الجهمية، وإن كان الجهمي أفقه.

ولما سأله المتوكِّل عن القضاة أرسل إليه دَرْجًا مع وزيره (٣)، يذكر فيه تولية أناس وعزْلَ أناس، وأمسَكَ عن أناس وقال: لا أعرفهم. وروجع في بعض من سمَّى لقلَّة علمه، فقال: لو لم يولُّوه (٤) لولَّوا فلانًا، وفي توليته مضرة على المسلمين.

وكذلك أمَر أن يولَّى على الأموال الديِّنُ السنِّي، دون الداعي إلى التعطيل، لأنه يضرُّ الناس في دينهم.

وسئل عن رجلين: أحدهما أنكى في العدو مع شربه الخمر، والآخر أديَن، فقال: يُغزى مع الأنكى في العدو، لأنه أنفع للمسلمين (٥).

وبهذا مضت سنةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان يولِّي الأنفعَ للمسلمين على


(١) انظر: "الهداية" للمرغيناني (٣/ ١٠١) و"روضة الطالبين" (١١/ ٩٥) و"الهداية" لأبي الخطاب (ص ٥٦٥).
(٢) في "اختيارات" البعلي (ص ٣٣٢): "ويجب تولية الأمثل فالأمثل. وعلى هذا يدل كلام أحمد وغيره".
(٣) نقل ابن الجوزي في "مناقب الإمام" (ص ٢٥١ - ٢٥٢) درجًا في هذا المعنى.
(٤) ح، س: "تولّوه".
(٥) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٢٥٥).