للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيمن يصلِّي سلَّم أبو عبيدة لعمرو (١)، فكان يصلِّي بالطائفتين وفيهم أبو بكر.

وأمَّر أسامةَ بن زيد مكان أبيه، لأنه ــ مع كونه خليقًا للإمارة ــ أحرصَ على طلب ثأر أبيه من غيره. وقدَّم أباه زيدًا في الولاية على جعفر ابن عمِّه مع أنه مولى، ولكنه من أسبق الناس إسلامًا قبل جعفر. ولم يلتفت إلى طعن الناس في إمارة أسامة وزيد وقال: "إن تطعنوا في إمارة أسامة فقد طعنتم في إمارة أبيه [٦١/أ] من قبله، وَايمُ الله إن كان خليقًا (٢) للإمارة، ومِن أحبِّ الناس إليَّ" (٣). وأمَّر خالدَ بن سعيد بن العاص وإخوتَه، لأنهم من كبراء قريش وساداتهم (٤)، ومن السابقين الأولين، ولم يتولَّ أحدٌ بعدَه.

والمقصود: أنَّ هَدْيه - صلى الله عليه وسلم - تولية الأنفع للمسلمين وإن كان غيرُه أفضل منه، والحكمُ بما يُظهِر الحق ويوضِّحه إذا لم يكن هناك أقوى منه يعارضه؛ فسيرته: توليةُ الأنفع، والحكمُ بالأظهر.

ولا تستطِلْ هذا الفصلَ، فإنه من أنفع فصول الكتاب.


(١) رواه الواقدي في "المغازي" (ص ٧٦٩ - ٧٧١) ــ وعنه ابن سعد في "الطبقات" (٥/ ٥٣) ــ بإسنادين مرسلين وثالثٍ معضلٍ، والواقديُّ نفسُه متروكٌ، على سعة روايته.
(٢) في المطبوع: "إنه خليقًا"!
(٣) أخرجه البخاري (٤٢٥٠) ومسلم (٢٤٢٦) من حديث عبد الله بن عمر.
(٤) يُنظر: "المستدرك" للحاكم (٣/ ٢٤٩ - ٢٥٠)، و "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (٢/ ٩٣٩، ٩٤٠)، و "تاريخ مدينة دمشق" لابن عساكر (٢٩/ ٥٦، ٤٦/ ٢٥).