للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجني والد على ولده" (١). فلا يُجنَى عليه، ولا يعاقَب بذنبه، ولا يثاب بحسناته. ولا تجب عليه الزكاة ولا الحجُّ بغنى الآخَر.

ثم قد أجمع الناس على صحة بيعه منه وإجارته وهِبته (٢) ومضاربته ومشاركته، فلو امتنعت شهادته له لكونه جزأَه (٣) فيكون شاهدًا لنفسه لامتنعت هذه العقود، إذ يكون عاقدًا لها مع نفسه.

فإن قلتم: هو متهم بشهادته له، بخلاف هذه العقود، فإنه لا يتَّهم فيها معه.

قيل: هذا عَود منكم إلى المأخذ الثاني، وهو مأخذ التهمة. فيقال: التهمة وحدها مستقلة بالمنع، سواء كان قريبًا أو أجنبيًّا. ولا ريب أن تهمة الإنسان في صديقه وعشيره ومن يُصْفِيه مودتَه ومحبَّته (٤) أعظمُ من تهمته


(١) رواه أحمد (١٦٠٦٤)، والترمذي (٢١٥٩، ٣٠٨٧) ــ وصححه ــ، وابن ماجه (٢٦٦٩، ٣٠٥٥)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٤٠٨٥، ١١١٤٩) من حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبيه مرفوعا، وسليمان مجهول. لكن للحديث شواهد، منها حديث أبي رمثة عند أبي داود (٤٤٩٥)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٧٠٠٧)، وصححه ابن حبان (٤٥٣٢)، والحاكم (٢/ ٤٢٥). وحديثُ الخشخاشِ العنبري عند أحمد (١٩٠٣١)، وابن ماجه (٢٦٧١).
(٢) "وهبته" ساقط من ع، وكذا من النسخ المطبوعة.
(٣) في المطبوع: "جزءًا منه".
(٤) ت: "تضفيه مودتُه ومحبتُه". ع: "نصعبه". وفي النسخ المطبوعة: "يعنيه" وكل ذلك تصحيف.