للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرجلُ رأسه، وخرج من ذلك الباب!

وقال عبد الملك بن عُمير: كنتُ في مجلس محارب بن دثار، وهو في قضائه، حتَّى تقدَّم إليه رجلان، فادَّعى أحدهما على الآخر حقًّا، فأنكره، فقال: ألك بينة؟ فقال: نعم، ادعُ فلانًا. فقال المدَّعَى عليه: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون! والله إن شهد عليَّ لَيشهدنَّ (١) بزور، ولئن سألني (٢) عنه لأزكينَّه؛ [٦٩/ب] فلما جاء الشاهد قال محارب بن دِثار: حدثني عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الطيرَ لَتضرِبُ بمناقيرها، وتقذف ما في حواصلها، وتحرِّك أذنابها، من هول يوم القيامة. وإنَّ شاهدَ الزور لا تَقارُّ قدماه على الأرض حتى يُقذَف به في النار". ثم قال للرجل: بم تشهد؟ قال: كنت أُشهِدْتُ على شهادةٍ، وقد نسيتُها، أرجع، فأتذكرها. فانصرَف، ولم يشهد عليه بشيء (٣).


(١) في النسخ: "ليشهد"، وزاد بعضهم في ت نونًا أي "لَيشهدنَّ"، وهو الصواب.
(٢) كذا في النسخ و"الجليس الصالح" و"معجم المقرئ". وفي النسخ المطبوعة ومصادر أخرى: "سألتني".

(٣) رواه وكيع القاضي في "أخبار القضاة" (٣/ ٣٤)، وابن المقرئ في "المعجم" (١٣٠٤)، وابن شاهين في "الأفراد" ــ ومن طريقه ابن الشجري في "الأمالي" (٢/ ٣٢٩ - ٣٣٠)، وابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" (٥٧/ ٦٤ - ٦٥) ــ، والمعافى بن زكريا الجَرِيري في "الجليس الصالح الكافي" (٣/ ١٦٣ - ١٦٤) من حديث هارون بن الجهم، عن عبد الملك بن عمير به.

وقد روى المرفوع منه أبو جعفر العقيلي في كتاب "الضعفاء" (٦/ ٢٩٤)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (٧٦١٦). وقال العقيلي: "ليس له من حديث عبد الملك بن عمير أصلٌ، وإنما هذا حديثُ محمد بن الفرات الكوفي، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر". وكان العقيلي استفتح ترجمة هارون بقوله: "يُخالف في حديثه، وليس بمشهورٍ بالنقل". وقال ابن شاهين ــ بعد أن رواه ــ: "تفرّد بهذا الحديث هارون عن عبد الملك، وهو حديثٌ غريبٌ". وجزم الذهبي أيضًا في ترجمة هارون هذا من "ميزان الاعتدال" (٤/ ٢٨٢) أن الحديث منكر. ووافقه ابن حجر في "لسان الميزان" (٨/ ٣٠٣). ويُنظر: "أطراف الغرائب والأفراد" لابن طاهر (٣٢٠٢).