للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه أبو يعلى الموصلي (١) في "مسنده"، فقال: ثنا محمد بن بكار، ثنا زافر، عن أبي علي قال: كنتُ عند محارب بن دِثار، فاختصم إليه رجلان، فشهد على أحدهما شاهد، فقال الرجل: لقد شهِد عليَّ بزور، ولئن سألتَ عنه لَيُزَكَّيَنَّ (٢)، وكان محارب متَّكئًا، فجلس، ثم قال: سمعتُ عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزولُ قدما شاهدِ الزور من مكانهما حتى يُوجِبَ الله له النار".

وللحديث طرقٌ إلى محارب (٣).


(١) رواه من طريقه ابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" (٥٧/ ٦٥). وزافر (وهو ابن سليمان الإيادي)، صدوق كثير الوهم والغلط، لكنّ آفة الحديث من شيخِه أبي علي هذا، والأشبه أنه أبو علي محمد بن الفرات التالف الواهي، وبه يُعرَف هذا الحديث، لكنْ سرقه منه بعض التلفى والهلكى. وكأنّي بزافر رام الستر على ابن الفرات فكنّاه، تعميةً لحاله، وتوعيرًا لطريق التهدِّي إليه = فضرّ، سواءً بقصدٍ أو من غيرِ قصدِ!
(٢) في النسخ: "سئلت ... "، والصواب ما أثبت، وكذا في "تاريخ دمشق" (٥٧/ ٦٥). وانظر: "المقصد العلي" (٥/ ٤٢٧). وفي المطبوع: "ولئن سئلت عنه لأزكِّيَنَّه".
(٣) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٧/ ٢٦٤) ــ ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١٢٧٠) ــ من حديث موسى بن زكريا التستري، عن محمد بن خليد، عن خلف بن خليفة، عن مسعر، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر مرفوعا. قال الدارقطني في كتاب "الغرائب والأفراد" (٣٢٠٣ - أطرافه): "تفرّد به محمد بن خليد عن خلف بن خليفة، عن مسعر، عنه". وسندُه واهٍ جدًّا، موسى بن زكريا هذا قد روى الحاكم عن الدارقطني في "سؤالاته" إياه (٢٢٧) أنه متروك، ومحمد بن خليد (وهو الحنفي) يروي أباطيل عن الثقات، وخلف بن خليفة وإن كان فيه لينٌ، إلا أنه بريءٌ من عهدة الحديث، والجناية مُطوّقة برقبة مَن دُونه. والحاصل أنه لم يَرْوِ الحديثَ عن محارب إلا ابن الفرات، وهو متروك، وسائر الطرق مركّبة، إمّا عن تعمّد، أو بتوهّم. والله أعلم.