للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبله، ومع هذا فإنما تُردّ شهادته بعد الحد. فردُّها من تمام عقوبته وحدِّه، وما كان من الحدود ولوازمها فإنه لا يسقط بالتوبة. ولهذا لو تاب القاذف لم تمنع توبتُه إقامةَ الحدِّ عليه، فكذلك شهادته.

قال سعيد بن جبير: تُقبَل توبتُه فيما بينه وبين الله من العذاب العظيم، ولا تُقبَل شهادتُه (١).

وقال شريح: لا تجوز شهادته أبدًا، وتوبته فيما بينه وبين ربِّه (٢).

وسرُّ المسألة: أنّ ردَّ شهادته جُعِل عقوبةً لهذا الذنب، فلا يسقط بالتوبة كالحدِّ.

قال الآخرون، واللفظ للشافعي (٣): "والثُّنْيا في سياق الكلام على أول الكلام وآخره، في جميع ما يذهب إليه أهلُ الفقه، إلا أن يفرِّق بين ذلك خبر". "وأنبأنا ابن عيينة قال: سمعتُ [٧١/أ] الزهريَّ يقول: زعم أهل العراق أن شهادة المحدود لا تجوز، وأشهدُ لَأخبَرني فلانٌ أن عمر قال لأبي بكرة: تُبْ أقبَلْ شهادتك. قال سفيان: نسيتُ اسم الذي حدَّث الزهريَّ، فلما قمنا سألتُ مَن حضر، فقال لي عمرو بن قيس (٤): هو سعيد بن المسيِّب. فقلت


(١) رواه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (٢٧٤)، وسعيد بن منصور، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبير" (١٠/ ١٥٦). وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (١٠/ ٦٣٢) أيضًا إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) سبق تخريجه قريبًا.
(٣) في كتاب "الأم" (٧/ ٤٧ - ط دار المعرفة)، وفيه: "الاستثناء" مكان "الثنيا". ولفظ "الثنيا" ورد في "معرفة السنن والآثار" (١٤/ ٢٦٤).
(٤) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة، وكذا في كتاب "الأم" (٤/ ١٢١) وصوابه: "عمر بن قيس" كما في مواضع أخرى من "الأم" (٧/ ٢٧، ٤٨، ٩٤) في السياق نفسه.