للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مطرِّف عنه: إذا فرَغ من ضربه، فأكذَبَ نفسَه، ورجع عن قوله= قُبِلت شهادته (١).

قالوا: وأما تلك الآثار التي رويتموها، ففيها ضعف. فإنَّ آدم بن فائد غير معروف، ورواته عن عمر قسمان: ثقات، وضعفاء، فالثقات لم يذكر أحد منهم: "أو مجلودًا في حدٍّ"، وإنما ذكره الضعفاء كالمثنَّى بن الصبَّاح وآدم والحجَّاج. وحديث عائشة فيه يزيد، وهو ضعيف. [٧٢/أ] ولو صحَّت الأحاديث لَحُمِلت على غير التائب، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له (٢). وقد قَبِل شهادته بعد التوبة عمر وابن عباس (٣)، ولا يعلم لهما في الصحابة مخالف.

قالوا: وأعظم موانع الشهادة: الكفر، والسحر، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، والزنا. ولو تاب من هذه الأشياء قُبِلت شهادته اتفاقًا، فالتائب من القذف أولى بالقبول. قالوا: وأين جناية قتله من قذفه؟

قالوا: والحدُّ يدرأ عنه عقوبة الآخرة، وهو طُهْرة له، فإن الحدود طُهْرة لأهلها؛ فكيف تُقبل شهادته إذا لم يتطهَّر بالحدِّ، وتُرَدُّ أطهرَ ما يكون؟ فإنه بالحدِّ والتوبة قد يطهر طهرًا كاملًا.

قالوا: وردُّ الشهادة بالقذف إنما هو مستند إلى العلة التي ذكرها الله عقيب هذا الحكم، وهي الفسق، وقد ارتفع الفسق بالتوبة، وهو سبب الرد؛


(١) رواه سعيد بن منصور ــ ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبير" (١٠/ ١٥٣) ــ، وله طريق آخرعند ابن جرير في "جامع البيان" (١٧/ ١٦٤).
(٢) كما في الحديث، وسيأتي تخريجه.
(٣) سبق تخريج قولهما قريبًا.