للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيجب ارتفاع ما ترتَّب عليه، وهو المنع.

قالوا: والقاذف فاسق بقذفه، حُدَّ أو لم يُحدَّ، فكيف تقبل شهادته في حال فسقه، وتُرَدّ شهادته بعد زوال فسقه؟

قالوا: ولا عهد لنا في الشريعة بذنب واحد أصلًا يتاب منه، ويبقى أثره المترتِّب عليه من ردِّ الشهادة. وهل هذا إلا خلاف المعهود منها، وخلاف قوله - صلى الله عليه وسلم -: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" (١). وعند هذا، فيقال: توبته من القذف تنزِّله منزلةَ من لم يقذف، فيجب قبول شهادته.

قالوا (٢): قال المانعون: القذف متضمِّن للجناية على حقِّ الله وحقِّ الآدمي، وهو من أوفى الجرائم، فناسَبَ تغلُّظَ (٣) الزجر. وردُّ الشهادة [٧٢/ب] من أقوى أسباب الزجر، لما فيه من إيلام القلب والنكاية في النفس، إذ هو عزلٌ لولاية لسانه الذي استطال به على عِرض أخيه، وإبطالٌ لها (٤). ثم هو عقوبة في محلِّ الجناية، فإن الجناية حصلت بلسانه، فكان


(١) رواه ابن ماجه (٤٢٥٠) من حديث ابن مسعود مرفوعًا، ويُنظر: "العلل" للدارقطني (٥/ ٢٩٧).
(٢) كذا في النسخ. وفي ت: "قالوا: و". وفي النسخ المطبوعة: "أو كما قالوا"، وجعل جزءًا من الفقرة السابقة. فإن لم يكن لفظ "قالوا" من سهو النساخ, وقد ثبت في أصل المؤلف، فلعله من سبق القلم أو كان يريد أن يذكر دليلًا آخر لهم، ثم عدل عن ذلك ونسي أن يضرب على الكلمة. أما ما في النسخ المطبوعة فلعله من إصلاح بعض القراء أو الناشرين.
(٣) في النسخ المطبوعة: "تغليظ".
(٤) ت: "وإبطالها".