أولى بالعقوبة فيه. وقد رأينا الشارع قد اعتبر هذا حيث قَطَع يدَ السارق، فإنه حدٌّ مشروع في محلِّ الجناية.
ولا ينتقض هذا بأنه لم يجعل عقوبة الزاني بقطع العضو الذي جنى به لوجوه:
أحدها: أنه عضو خفي مستور لا تراه العيون، فلا يحصل الاعتبار المقصود من الحدِّ بقطعه.
الثاني: أنَّ ذلك يفضي إلى إبطال آلات التناسل وانقطاع النوع الإنساني.
الثالث: أنَّ لذة البدن جميعه بالزنا كلذة العضو المخصوص، فالذي نال البدن (١) من اللذة المحرَّمة مثل ما نال الفرج. ولهذا كان حدُّ الخمر على جميع البدن.
الرابع: أنَّ قطع هذا العضو مُفْضٍ إلى الهلاك، وغيرُ المحصَن لا تستوجب جريمته الهلاك، والمحصَن إنما تناسب جريمته أشنعَ القِتْلات، ولا يناسبها قطعُ بعض أعضائه= فافترقا.
قالوا: وأما قبول شهادته قبل الحدِّ وردَّها بعده، فلما تقدَّم أنّ ردَّ الشهادة جُعِل من تمام الحدِّ وتكملته. فهو كالصفة والتتمة للحدِّ، فلا يتقدَّم عليه. ولأن إقامة الحدّ عليه تنقص حالَه عند الناس، وتقلّ حرمته، وهو قبل إقامة الحد قائم الحرمة غير منتهَكها.
قالوا: وأما التائب من الزنا والكفر والقتل، فإنما قبلنا شهادته لأنَّ ردَّها
(١) ح، ف: "القذف". وفي ت: "القذف البدن" مع الضرب على "القذف". وفي ع: "اللسان"، وكتب في الهامش: "كذا في المنقول عنه: فالذي نال القذف من اللذة".