للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} [الحج: ٥].

يقول سبحانه: إن كنتم في ريب من البعث، فلستم ترتابون في أنكم مخلوقون، ولستم ترتابون في مبدأ خلقكم من حال إلى حال إلى حين الموت. والبعثُ الذي وُعِدتم به نظيرُ النشأة الأولى، فهما نظيران في الإمكان والوقوع، فإعادتُكم بعد الموت خلقًا جديدًا كالنشأة الأولى التي لا ترتابون فيها. فكيف تنكرون إحدى النشأتين مع مشاهدتكم لنظيرها؟

وقد أعاد الله (١) سبحانه ذِكرَ (٢) هذا المعنى وأبداه في كتابه بأوجز العبارات، وأدلِّها، وأفصحِها، وأقطعِها للعذر، وألزمِها للحجَّة؛ كقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ} [الواقعة: ٥٨ - ٦٢]، فدلَّهم بالنشأة الأولى على الثانية، وأنهم لو تذكَّروا لعلموا أنه (٣) لا فرق بينهما في تعلُّق القدرة بكلِّ واحدة منهما.


(١) لم يرد لفظ الجلالة في ع والنسخ المطبوعة.
(٢) "ذكر" ساقط من النسخ المطبوعة.
(٣) في ع والنسخ المطبوعة: "أن".