فأخبر سبحانه أنهما إحياءان، وأن أحدهما معتبَر بالآخر، مقيس عليه. ثم ذكر قياسًا آخرَ: أنَّ من الأرض ما يكون أرضًا طيبةً، فإذا أنزل عليها الماء أخرجت نباتها بإذن ربِّها. ومنها ما تكون أرضًا خبيثةً لا تُخرِج نباتها إلا نكِدًا، أي قليلًا غيرَ منتفَع به، فهذه إذا أنزل عليها الماء لم تُخرِج ما أخرجَت الأرض الطيبة. فشبَّه سبحانه الوحيَ الذي أنزله من السماء على القلوب بالماء الذي أنزله على الأرض، بحصول الحياة بهذا وهذا. وشبَّه القلوبَ بالأرض، إذ هي محلُّ الأعمال، كما أنَّ الأرض محلُّ النبات، وأنّ القلب الذي لا ينتفع بالوحي ولا يزكو عليه ولا يؤمن به كالأرض التي لا تنتفع بالمطر ولا تُخرج نباتها به إلا قليلًا لا ينفع، وأن القلب الذي آمن بالوحي وزكا عليه وعمِل بما فيه كالأرض التي أخرجت نباتها بالمطر، فالمؤمن إذا سمع القرآن وعقَلَه وتدبَّره [٨١/أ] بان أثرُه عليه، فشُبِّه بالبلد الطيب الذي يمرَع ويُخصِب ويحسُن أثر المطر عليه، فيُنبت من كلِّ زوج كريم، والمُعرِض عن الوحي عكسه. والله الموفق.
(١) في س، ح، ت: "نشرًا" دون ضبط. والمقصود قراءة أبي عمرو، وهي بضم النون والشين. انظر: "الإقناع" لابن الباذش (٢/ ٦٤٧).