للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَقَادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: ٥ - ٩].

فالدافق على بابه، ليس فاعلًا بمعنى مفعول كما يظنُّه بعضهم، بل هو بمنزلة ماء جار وواقف وساكن (١). ولا خلاف أن المراد بالصُّلْب صلب الرجل. واختُلف في "الترائب" فقيل: المراد بها ترائبه أيضًا، وهي عظام الصدر [٨٤/ب] ما بين التَّرْقُوَة إلى الثَّنْدُوَة. وقيل: المراد ترائب المرأة. والأول أظهر (٢)، لأنه سبحانه قال: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} ولم يقل: يخرج من الصلب والترائب، فلا بدَّ أن يكون ماء الرجل خارجًا من بين هذين المختلفين (٣)، كما قال في اللبن يخرج: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} [النحل: ٦٦]. وأيضًا فإنه سبحانه أخبر أنه خلقه من نطفة في غير موضع، والنطفة هي ماء الرجل. كذلك قال أهل اللغة، قال الجوهري (٤): "النطفة: الماء الصافي قلَّ أو كثُر. والنطفة: ماء الرجل، والجمع نُطَف". وأيضًا فإن الذي يوصف بالدفق والفضخ (٥) إنما هو ماء الرجل، ولا يقال: فضخت المرأة الماءَ ولا دفقته.

والذي أوجب لأصحاب القول الآخر ذلك: أنهم رأوا أهل اللغة قالوا:


(١) وانظر: "التبيان في أيمان القرآن" (ص ١٦١) و"بدائع الفوائد" (٣/ ٩٤١).
(٢) في "تحفة المودود" (ص ٣٩٣) رجَّح القول الآخر، وقد نُقل بعض كلامه في طرّة ف. وفي "التبيان" (ص ١٦٢) ذكر القولين دون ترجيح.
(٣) في المطبوع: "المحلَّين". والصواب ما أثبت من النسخ، وكذا في الطبعات القديمة.
(٤) في "الصحاح" (٤/ ١٤٣٤).
(٥) ت: "النضح" وكذلك "نضحت" فيما بعد، وكذا في النسخ المطبوعة. والفضخ: الدفق. في حديث أبي داود (٢٠٦): "وإذا فضختَ الماء فاغتسِلْ".