للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآن أكثر من ذلك. وهذا من أحسن الأمثال وأدلِّها على بطلان الشرك وخسارة صاحبه وحصوله على ضد مقصوده.

فإن قيل: فهم يعلمون أن أوهن البيوت بيت العنكبوت، فكيف نفى عنهم علمَ ذلك بقوله: {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.

فالجواب أنه سبحانه لم ينفِ عنهم علمَهم بوهن بيت العنكبوت، وإنما نفى عنهم علمَهم بأنَّ اتخاذَهم أولياء من دونه كالعنكبوت اتخذت بيتًا، فلو علموا ذلك لما فعلوه، ولكن ظنُّوا أنّ اتخاذهم الأولياء من دونه يفيدهم عزًّا، وقوّةً، فكان الأمر بخلاف ما ظنّوه.

فصل

ومنها: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٣٩) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: ٣٩ - ٤٠].

ذكر [٩٠/ب] سبحانه للكافرين مثلين (١): مثلًا بالسراب، ومثلًا بالظلمات المتراكمة. وذلك لأنَّ المُعرِضين عن الهدى والحق نوعان: أحدهما: من يظن أنه على شيء، فتبيَّن (٢) له عند انكشاف الحقائق خلافُ ما


(١) وانظر في تفسير المثلين أيضًا: "اجتماع الجيوش الإسلامية" (ص ٢٧ - ٣٩).
(٢) ع: "فيبين"، تصحيف. وفي س: "فيتبيَّن"، وكذا في النسخ المطبوعة.