للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} قال: الحق. وكذلك رواه ابن جريج عنه (١).

وقالت فرقة: هي مثل قوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: ١٤]، وهذا اختلاف عبارة، فإنَّ كونه بالمرصاد هو مجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.

وقالت فرقة: في الكلام حذف، تقديره: إنّ ربِّي يحثُّكم على صراط مستقيم، ويحضُّكم عليه. وهؤلاء إن أرادوا أن هذا معنى الآية الذي (٢) أريد بها فليس كما زعموا، ولا دليل على هذا المقدَّر (٣)، وقد فرَّق سبحانه بين كونه آمرًا بالعدل وبين كونه على صراط مستقيم. وإن أرادوا أنّ حثَّه على الصراط المستقيم من جملة كونه على صراط مستقيم، فقد أصابوا.

وقالت فرقة أخرى: معنى كونه على صراط مستقيم: أنّ مردَّ العباد والأمور كلِّها إلى الله، لا يفوته شيء منها. وهؤلاء إن أرادوا أن هذا معنى الآية فليس كذلك، وإن أرادوا أن هذا من لوازم كونه على صراط مستقيم ومن مقتضاه وموجَبه، فهو حقٌّ.

وقالت فرقة أخرى: معناه: [٩٥/ب] كلُّ شيء تحت قدرته وقهره وفي ملكه وقبضته. وهذا وإن كان حقًّا، فليس هو معنى الآية. وقد فرَّق شعيب (٤) بين قوله: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} وبين قوله: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ


(١) رواه سُنيد بن داود في "التفسير" ــ ومن طريقه ابن جرير (١٢/ ٤٥٠) ــ عن حجاج (وهو المصيصي)، عن ابن جريج به.
(٢) ع: "التي"، وكذا في النسخ المطبوعة، وهو خطأ.
(٣) ت: "التقدير".
(٤) كذا وقع في النسخ، والصواب: "هود". وراجع ما علَّقته قريبًا.