للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُسْتَقِيمٍ}، فهما معنيان مستقلَّان (١).

فالقول قول مجاهد، وهو قول أئمة التفسير، ولا تحتمل العربيةُ غيرَه إلا على استكراه. قال (٢) جرير يمدح عمر بن عبد العزيز (٣):

أميرُ المؤمنين على صراطٍ ... إذا اعوجَّ المواردُ مستقيم

وقد قال تعالى: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: ٣٩]. وإذا كان سبحانه هو الذي جعل رسله وأتباعهم على الصراط المستقيم في أقوالهم وأفعالهم، فهو سبحانه أحقُّ بأن يكون على الصراط المستقيم (٤) في قوله وفعله. وإن كان صراط الرسل وأتباعهم هو موافقة أمره، فصراطه الذي هو سبحانه عليه هو (٥) ما يقتضيه حمده وكماله ومجده من قول الحق وفعله (٦). وبالله التوفيق.


(١) راجع أقوال المفسرين في "النكت والعيون" للماوردي (٢/ ٤٧٢) و"التفسير البسيط" للواحدي (١١/ ٤٤٩ - ٤٥٠) و"زاد المسير" (٢/ ٣٨٠)، ففيها قولان لم يشر إليهما المصنف. وبعض الأقوال المذكورة هنا أصلها قول واحد.
(٢) في النسخ المطبوعة: "وقال".
(٣) كذا قال في "شفاء العليل" (ص ٢٠١) أيضًا، والصواب أن الممدوح هشام بن عبد الملك. وقد أنشده المؤلف في "بدائع الفوائد" (٢/ ٤١٧) دون عزو ودون ذكر الممدوح. وهو من قصيدة في "ديوان جرير" (١/ ٢١٨). والبيت من شواهد "مجاز القرآن" (١/ ٢٤) و"تفسير الطبري" (١/ ١٧٠ - شاكر).
(٤) ع: "صراط مستقيم"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٥) ع: "هو عليه سبحانه".
(٦) وانظر في تفسير الآية أيضًا: "الداء والدواء" (ص ٢٨٤، ٤٨٠ - ٤٨١)، و"شفاء العليل" (ص ٨٧، ٢٠١) و"الفوائد" (ص ٣٣) و"مفتاح دار السعادة" (٢/ ١٠٥٨ - ١٠٥٩). وقد أحال المصنف في "بدائع الفوائد" (١/ ٢٠٩) لبيان أسرار كونه سبحانه على صراط مستقيم، على كتابه "التحفة المكية".