للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهث. وهكذا هذا (١) الذي انسلخ من آيات الله، لم يبق معه فؤاد يحمله على الصبر عن الدنيا وتركِ اللهف عليها. فهذا يلهف على الدنيا من قلة صبره عنها (٢)، وهذا يلهث من قلة صبره عن الماء. فالكلب من أقلِّ الحيوانات صبرًا عن الماء، وإذا عطِش أكَلَ الثَّرى من العطش، وإن كان فيه صبر على (٣) الجوع. وعلى كلِّ حال فهو من أشدِّ الحيوانات لهثًا، يلهث قائمًا وقاعدًا وماشيًا وواقفًا. وذلك لشدة حرصه، فحرارةُ الحرص في كبده تُوجِب له دوامَ اللهث. فهكذا مشبَّهُه، شدةُ حرارة الشهوة (٤) في قلبه توجب له دوام اللهف (٥)، فإن حملتَ عليه بالموعظة والنصيحة فهو يلهف (٦)، وإن تركته ولم تعظه فهو يلهف.

قال مجاهد: وذلك مثل (٧) الذي أوتي الكتاب ولا يعمل (٨) به (٩).


(١) "هذا" ساقط من ع، وكذا من النسخ المطبوعة.
(٢) ع: "عليها".
(٣) من س، وكذا في النسخ المطبوعة. وفي غيرها: "عن".
(٤) ح، ف "شدة الشهوة". وفي النسخ المطبوعة: "شدة الحرص وحرارة الشهوة".
(٥) ح، ف: "اللهث".
(٦) ح، ف: "يلهث" هنا وفي الجملة الآتية.
(٧) ع: "مثال".
(٨) ع: "لم يعمل"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٩) رواه آدم بن أبي إياس في "التفسير" (ص ٣٤٧)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (٥/ ١٦٢٠) من رواية ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. ورواه ابن جرير في "جامع البيان" (١٠/ ٥٨٦) من طريق عيسى (وهو ابن ميمون)، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، ومن طريق ابن جريج، عن مجاهد. ورواه أيضًا عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ، كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ٦٧٨).