للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنها تُثمر جميعَ الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة، فكل عمل صالح يُرضي الله (١) ثمرة هذه الكلمة.

وفي "تفسير علي بن أبي طلحة" عن ابن عباس قال: {كَلِمَةً طَيِّبَةً} شهادة أن لا إله إلا الله، {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} وهو المؤمن، {أَصْلُهَا ثَابِتٌ} قول لا إله إلا الله في قلب المؤمن، {وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء (٢).

وقال الربيع بن أنس: {كَلِمَةً طَيِّبَةً} هذا مثل الإيمان، فالإيمان: الشجرة الطيبة. وأصلها الثابت الذي لا يزول: الإخلاص فيه. وفرعه في السماء: خشية الله (٣).

والتشبيه على هذا القول أصح، وأظهر، وأحسن. فإنه سبحانه شبَّه شجرةَ التوحيد في القلب بالشجرة الطيبة، الثابتة الأصل، الباسقة الفرع في السماء علوًّا، التي لا تزال تؤتي ثمرتها كلَّ حين. وإذا تأملتَ هذا التشبيه رأيته مطابقًا لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب، التي فروعها من الأعمال الصالحة صاعدة إلى السماء، ولا تزال هذه الشجرة تُثمر الأعمالَ الصالحة كلَّ وقت، بحسب ثباتها في القلب، ومحبة القلب لها، وإخلاصه


(١) س، ع، ف: "مرضي لله"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) رواه ابن جرير في "جامع البيان" (١٣/ ٦٣٥)، وابن المنذر وابن أبي حاتم ــ كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ٥٠٩ - ٥١٠) ــ، والطبراني في "الدعاء" (١٥٩٨)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (٢٠٦).
(٣) رواه ابن جرير في "جامع البيان" (١٣/ ٦٣٥).