للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه، موافقًا لشرعه.

والأعمال أربعة، فواحد مقبول، وثلاثة مردودة. فالمقبول: الخالص الصواب. فالخالص أن يكون لله لا لغيره، والصواب أن يكون مما شرعه (١) على لسان رسوله. والثلاثة المردودة ما خالف ذلك (٢).

وفي تشبيهها بالرماد سرّ بديع، وذلك للتشابه الذي بين أعمالهم وبين الرماد في إحراق النار وإذهابها لأصل هذا وهذا. فكانت الأعمال التي لغير الله وعلى غير مراده طُعْمةً للنار، وبها تسعَّر النارُ على أصحابها. وينشئ الله سبحانه لهم من أعمالهم الباطلة نارًا وعذابًا، كما ينشئ لأهل الأعمال الموافقةِ لأمره ونهيه التي هي خالصة لوجهه من أعمالهم نعيمًا ورَوْحًا. فأثَّرت النارُ في أعمال أولئك حتى جعلتها رمادًا، فهم وأعمالهم وما يعبدون من دون الله وقود النار.

فصل

ومنها قوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا [١٠٠/ب] ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم: ٢٤ - ٢٥].

فشبَّه سبحانه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة، لأنَّ الكلمة الطيبة تُثمِر العملَ الصالح، والشجرة الطيبة تُثمِر الثمرَ النافع. وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون: الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله؛


(١) في النسخ المطبوعة: "شرعه الله"، زيد لفظ الجلالة.
(٢) سيأتي هذا التقسيم للأعمال وبعض التفصيل فيها.