للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحسب حال المنفِق وإيمانه وإخلاصه وإحسانه، ونفعِ نفقته وقدرها ووقوعها موقعها. فإن ثواب الإنفاق يتفاوت بحسب ما يقوم بالقلب من الإيمان، والإخلاص، والتثبيت عند النفقة. وهو إخراج المال [١٠٨/ب] بقلب ثابت قد انشرح صدرُه بإخراجه، وسمحت به نفسُه، وخرج من قلبه قبلَ خروجه من يده. فهو ثابت القلب (١) عند إخراجه، غيرُ جَزِع ولا هَلِع، ولا مُتْبِعَه نفسَه، ترجُف يده وفؤاده (٢). ويتفاوت بحسب نفع الإنفاق ومصارفه لمواقعه (٣)، وبحسب طيب المنفق وزكاته (٤).

وتحت هذا المثل من الفقه أنه سبحانه شبَّه الإنفاق بالبذر، فالمنفقُ مالَه الطيِّبَ لله لا لغيره باذرٌ مالَه في أرض زكية. فمُغَلُّه (٥) بحسب بَذْرِه، وطيبِ أرضه، وتعاهُدِ البذر بالسقي، ونفيِ الدَّغَل (٦)

والنباتِ الغريب عنه. فإذا اجتمعت هذه الأمور، ولم تُحرق الزرعَ نارٌ، ولا لحقته جائحةٌ= جاء أمثالَ الجبال. وكان مثله {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} [البقرة: ٢٦٥] وهي المكان المرتفع


(١) في المطبوع: "ثبات القلب"، وهو خطأ.
(٢) وانظر: "مدارج السالكين" (١/ ٢٥٥) و"مجموع الفتاوى" (١٤/ ٩٤ - ٩٥).
(٣) ع: "لمواقع". وفي المطبوع: "بمواقعه".
(٤) وانظر في تفسير المثل أيضًا: "طريق الهجرتين" (٢/ ٧٩٢ - ٧٩٤).
(٥) في طبعة الشيخ محمد محيي الدين: "فمغلة". وفي المطبوع: "فمَغِلَّه" بكسر الغين وفتح اللام. والصواب ما أثبت. والمُغَلُّ اسم المفعول من أغلَّت الضَّيعة، فهو بمعنى الغلَّة. وقد كثر استعماله في كتب شيخ الإسلام والمصنف وفقهاء الشافعية والحنابلة في القرن السابع وبعده.
(٦) يعني به: النباتات الطفيلية التي تنبت حول الزرع وتزاحمه. قال في نونيّته (٣/ ٨٤٧):

كالزرع ينبت حوله دَغَلٌ فيَمْـ ... نَعُه النَّما فتراه ذا نقصان