للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحسن الذكر لا يبتغون به وجهَ الله، وما ينفقونه ليصُدُّوا به عن سبيل الله واتباع رسله= بالزرع الذي زرَعه صاحبه يرجو نفعَه وخيرَه، فأصابته ريح شديدة البرد جدًّا، يُحرِق بردُها ما يمرُّ عليه من الزروع (١) والثمار، فأهلكَتْ ذلك الزرعَ وأيبسَتْه.

واختلف في "الصِّرِّ"، فقيل: البرد الشديد (٢). وقيل: النار، قاله ابن عباس (٣). قال ابن الأنباري (٤): وإنما وُصِفت النار بأنها صِرٌّ لتصويتها (٥) عند الالتهاب. وقيل: الصِّرُّ: الصوت الذي يصحَب الريحَ من شدة هبوبها. والأقوال الثلاثة متلازمة، فهو برد شديد مُحرِق بيُبْسِه للحرث كما تُحرقه النار، وفيه صوت [١١٠/ب] شديد.

وفي قوله: {أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} تنبيه على أنَّ سببَ إصابتها لحرثهم هو ظلمُهم. فهو الذي سلَّط عليهم الريحَ المذكورة حتى أهلكت زرعهم وأيبسته، فظلمُهم هو الريح التي أهلكت أعمالهم ونفقاتهم، وأتلفتها.


(١) ع: "الزرع"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) رواه ابن جرير في "جامع البيان" (٥/ ٧٠٥) عن ابن عباس. وهو قول الأكثرين.
(٣) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (٤٠٢٦).
(٤) انظر: "زاد المسير" (١/ ٤٤٥).
(٥) في النسخ الخطية والمطبوعة: "لتصريتها". وكذا في "البسيط" للواحدي (٥/ ٥٢٧)، والظاهر أنه تصحيف وصوابه ما أثبت من "زاد المسير" (١/ ٣١٧)، وفي كليهما نقل قول ابن الأنباري، وكلاهما من مصادر المصنف، ولكنه صادر هنا عن "زاد المسير".