للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صائم. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيتَ لو تمضمضتَ بماء وأنت صائم؟ " فقلتُ: لا بأس بذلك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ففِيمَ (١)؟ " (٢).

ولولا أنَّ حكمَ المثل حكمُ مثله وأن المعاني والعلل مؤثِّرة في الأحكام نفيًا وإثباتًا لم يكن لِذكر هذا التشبيه معنى. فذَكَره لِيدلَّ به على أن حكم النظير حكم مثله، وأن نسبة القُبلة التي هي وسيلة إلى الوطء كنسبة وَضْع الماء في الفم الذي هو وسيلة إلى شربه؛ فكما أن هذا الأمر لا يضُرُّ فكذلك الآخر.

وقد قال النبي (٣) - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي سأله فقال: إن أبي أدركه الإسلام، وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرَّحل، والحجُّ مكتوب عليه، أفأحجُّ عنه؟


(١) في النسخ المطبوعة: "فصم"، تحريف.
(٢) رواه أحمد (١٣٨، ٣٧٢)، وأبو داود (٢٣٨٥)، والنسائي في "الكبرى" (٣٠٣٦) من حديث عمر مرفوعا. وضعفه الإمام أحمد، فقال: "هذا ريحٌ، ليس من هذا شيءٌ". نقله عنه ابن قدامة في المغني (٣/ ١٢٧). وقال النسائي: "هذا حديث منكر ... ولا ندري ممّن هذا؟! ". وأغرب ابن الجوزي فضعفه في كتابه "التحقيق" (٢/ ٨٨)، وقال: "ليث ضعيف الحديث". كذا قال! وليث هو ابن سعد الإمامُ الحافظ الحجة، وليس ابنَ أبي سليم. وقد كشف غلطه الإمامُ ابنُ تيمية وتلميذه ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (٣/ ٢٣٤ - ٢٣٥).

أما ابن خزيمة فصححه (١٩٩٩). وصححه أيضًا الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/ ٨٩)، وابن حبان (٥٧٩٨)، والحاكم (١/ ٤٣١)، واختاره الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (١/ ١٩٥، ١٩٦). وانظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (٣/ ٢٣٦ - ٢٣٧)، و"مسند الفاروق" لابن كثير (١/ ٤١٧ - ٤١٩).
(٣) لفظ "النبي" لم يرد في النسخ المطبوعة.