للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال (١): "أنت أكبر ولده؟ ". قال: نعم. قال: "أرأيتَ لو كان على أبيك دَينٌ، فقضيتَه عنه، أكان يجزئ عنه؟ " قال: نعم. قال: "فحُجَّ عنه" (٢). فقرَّب الحكم من الحكم، وجعل دَينَ الله سبحانه في وجوب القضاء أو في قَبوله بمنزلة دَين الآدمي، وألحق [١١٨/ب] النظير بالنظير. وأكَّد هذا المعنى بضَرْب من الأَولى، وهو قوله: "اقضُوا الله، فالله أحقُّ بالقضاء" (٣).

ومنه: الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وفي بُضْعِ أحدِكم صدقة"، قالوا: يا رسول الله، يأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان يكون عليه وزر؟ " قالوا: نعم. قال: "فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له أجر" (٤). وهذا من قياس العكس الجليِّ البيِّن، وهو إثبات نقيض حكم الأصل في الفرع لثبوت ضدِّ علَّته فيه.

ومنه: الحديث الصحيح: أن أعرابيًّا أتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود، وإني أنكرتُه. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل لك من إبل؟ " قال: نعم. قال: "فما ألوانها؟ " قال: حُمْر، قال: "هل فيها من أورَق؟ ". قال: إنَّ فيها لَوُرْقًا. قال: "فأنَّى تُرى ذلك جاءها؟ " قال: يا رسولَ الله عِرْقٌ نَزَعه.


(١) في النسخ المطبوعة: "قال".
(٢) رواه أحمد (١٦١٢٥)، والنسائي (٢٦٣٨) من حديث يوسف بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير. ويوسف هذا مستور الحال. واختار الضياءُ المقدسي هذا الحديث في "الأحاديث المختارة" (٩/ ٣٥١، ٣٥٢). وانظر: "العلل الكبير" للترمذي (ص ١٣٥)، و"العلل" للدارقطني (١٥/ ٢٨٧ - ٢٨٨)، و"تحفة الأشراف" للمزي (٤/ ٣٣٣).
(٣) أخرجه البخاري (١٨٥٢) من حديث ابن عباس.
(٤) أخرجه مسلم (١٠٠٦) من حديث أبي ذر.