للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونظير هذا: قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عن مسِّ ذكره: "هل هو إلا بَضْعة منك؟ " (١). فاستغنى بهذا عن تكلُّف قوله: كسائر البَضَعات.

ومن ذلك: قوله - صلى الله عليه وسلم - للمرأة التي سألته: هل على المرأة من غُسْل إذا هي احتلمت؟ فقال: "نعم". فقالت أمُّ سُلَيم: أوَتحتلم المرأة يا رسول الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما النساء شقائق الرجال" (٢). فبيَّن أن النساء والرجال شقيقان ونظيران، لا يتفاوتان ولا يتباينان في ذلك. وهذا يدل على أن من المعلوم الثابت في فِطَرهم أنَّ حكمَ الشقيقين والنظيرين حكم واحد، سواء كان ذلك تعليلًا منه - صلى الله عليه وسلم - للقدر أو للشرع أو لهما؛ فهو دليل على تساوي الشقيقين, وتشابُهِ القرينين, وإعطاءِ أحدهما حكمَ الآخر.


(١) سبق تخريجه قريبًا.
(٢) رواه أحمد (٢٧١١٨) من حديث أم سليم، وسنده ضعيف منقطع، وله شاهد من حديث عائشة رواه أحمد (٢٦١٩٥)، وأبو داود (٢٣٦)، والترمذي (١١٣)، وأصله عند ابن ماجه (٦١٢). وفي سنده عبد الله العمري، وهو ضعيف، وقد أغرب جدّا بروايته إياه بذاك السند الرفيع عن أخيه عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة! ولذلك استنكره الإمام أحمد، كما في "فتح الباري" لابن رجب (١/ ٣٤٢).
ورواه الدارمي (٧٩١)، والبزار (٦٤١٨)، وأبو عوانة (٨٣٢) من حديث أنس مرفوعًا. وصححه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" (١/ ١٩٢)، وتبعه ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" (٢/ ٢٩٩، ٥/ ٢٧٠ - ٢٧١). والصواب أنه من مناكير محمد بن كثير الصنعاني وأوابده التي رواها عن الأوزاعي. وليتَ عبد الحق مشى في "الأحكام الوسطى" على ما كان سطره في "الأحكام الشرعية الكبرى" (١/ ٤٩٨).