للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا حديث وإن كان عن غير مسمَّين، فهم أصحاب معاذ، فلا يضرُّه ذلك؛ لأنه يدل على شهرة الحديث، وأنَّ الذي حدَّث به الحارثَ بن عمرو جماعةٌ (١) من أصحاب معاذ، لا واحدٌ منهم. وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحدٍ منهم ولو (٢) سُمِّي. كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحلِّ الذي لا يخفى؟ ولا يُعرَف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح، بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم، لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك. كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث؟ وقد قال بعض أئمة الحديث: إذا رأيتَ شعبةَ في إسناد حديثٍ فاشدُدْ يديك به (٣).

قال أبو بكر الخطيب (٤): "وقد قيل: إن عُبادة بن نُسَيٍّ رواه عن عبد الرحمن بن غَنْم عن معاذ (٥). وهذا إسناد متصل، ورجاله [١٢٠/ب]


(١) في النسخ المطبوعة: "عن جماعة"، وهو غلط أفسد السياق.
(٢) في النسخ المطبوعة: "لو" بإسقاط الواو قبلها.
(٣) سينقل المصنف هذا القول مرة أخرى، ويزيد عليه أن "من جعل شعبةَ بينه وبين الله فقد استوثق لدينه". والظاهر أن الأمر على الأغلب، فإن عاصم بن علي روى عن شعبة قوله: "لو لم أحدِّثكم إلا عن ثقة لم أحدِّثكم عن ثلاثين". انظر: "الكفاية" للخطيب (ص ٩٠).
(٤) في "الفقيه والمتفقه" (١/ ٤٧٢ - ٤٧٣).
(٥) رواه ابن ماجه (٥٥) من طريق محمد بن سعيد بن حسان، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ مرفوعا بلفظ آخر مختصر. ومحمد بن سعيد هذا كذاب تالف، قد صُلب بسبب زندقته!