للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحصنات صفة للفروج لا للنساء. وأدخل صيد الجوارح كلِّها في قوله: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}، وقوله: {مُكَلِّبِينَ} وإن كان من لفظ الكلب فمعناه: مُضْرِين (١) لها على الصيد. قاله مجاهد والحسن، وهو رواية عن ابن عباس. وقال أبو سليمان الدمشقي: "مكلِّبين" معناه: معلِّمين. وإنما قيل لهم "مكلِّبين"، لأن الغالب من صيدهم إنما يكون بالكلاب (٢).

وهؤلاء وإن أمكنهم ذلك في بعض المسائل، كما جزموا بتحريم أجزاء الخنزير لدخوله في قوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥]، وأعادوا الضمير إلى المضاف إليه دون المضاف، فلا يمكنهم ذلك في كثير من المواضع؛ وهم يُضطرُّون (٣) فيها ــ ولا بدَّ ــ إلى القياس، أو القول بما لم يقل به غيرهم ممن تقدَّمهم.

فلا يُعلَم أحدٌ من أئمة الفتوى يقول في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد سئل عن فأرة وقعت في سمن: "أَلقُوها وما حولها وكُلوه" (٤): إن ذلك مختصّ بالسَّمْن دون سائر الأدهان والمائعات. هذا مما يقطع بأن الصحابة والتابعين


(١) كذا ضُبِط في ع، من الإضراء. ويجوز "مُضَرِّين" من التضرية. ضرِيَ الكلبُ بالصيد ضراوةً: تطعَّم بلحمه ودمه، واعتاد ذلك فلا يكاد يصبر عنه. وأضراه صاحبُه: عوَّده. وأضراه به وضرَّاه: أغراه. وفي النسخ المطبوعة: "مُغْرِين". وفي "زاد المسير": "مصرين" بالصاد المهملة، تصحيف.
(٢) "زاد المسير" (٢/ ٢٩٢).
(٣) س: "يضطربون"، تصحيف. وفي ع: "مضطرون"، وكذا في النسخ المطبوعة. وقد سقط من ع "فيها".
(٤) أخرجه البخاري (٥٥٣٨) من حديث ميمونة.