للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأئمة الفتيا لا يفرِّقون فيه بين السَّمْن والزَّيت والشَّيْرَج (١) والدِّبْس، كما لا يفرِّقون (٢) بين الفأرة والهرَّة في ذلك.

وكذلك نهيُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع [١٢٣/أ] الرُّطَب بالتمر (٣)، لا يفرِّق عالمٌ يفهم عن الله ورسوله بين ذلك وبين بيع العنب بالزبيب.

ومن هذا أن الله سبحانه قال في المطلقة ثلاثًا: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} [البقرة: ٢٣٠] (٤). أي إن طلَّقها الثاني فلا جناح عليها وعلى الزوج الأول أن يتراجعا، والمراد به تجديد العقد. وليس ذلك مختصًّا بالصورة التي يطلِّق فيها الثاني فقط، بل متى تفارقا بموت أو خُلْع أو فَسخ أو طلاق حلَّت للأول قياسًا على الطلاق.

ومن ذلك: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تأكلوا في آنية الذهب والفضة، ولا تشربوا في صِحافها، فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة " (٥)، وقوله: "الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يُجَرجِرُ في بطنه نارَ جهنم" (٦)،


(١) الشَّيْرَج: دهن السمسم، فارسي معرب. وقد عُرِّب بالقاف أيضًا (اللسان ــ ردق)، وأصله في الفهلوية بالكاف الفارسية وبكسر أوله. وهي في الفارسية: شِيره، بالهاء المجلوبة للاحتفاظ بفتحة آخره بعد سقوط الكاف. وهو فيها بمعنى العصارة. انظر: "برهان قاطع" (٣/ ١٣٢٥).
(٢) ع: "يفرق"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) أخرجه البخاري (٢١٧١) ومسلم (١٥٣٨) من حديث ابن عمر.
(٤) في النسخ المطبوعة زيادة {إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}.
(٥) أخرجه البخاري (٥٤٢٦) ومسلم (٢٠٦٧) من حديث حذيفة بن اليمان.
(٦) أخرجه البخاري (٥٦٣٤) ومسلم (٢٠٦٥) من حديث أم سلمة. ويقال: جَرجَر فلان الماءَ، إذا جَرَعه جرعًا متواترًا له صوت.