للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تنتقِبُ المرأة، ولا تلبس القُفَّازين" (١) يعني في الإحرام، فسوَّى بين يديها ووجهها في النهي عما صُنِع على قدر العضو، ولم يمنعها من تغطية وجهها، ولا أمَرها بكشفه البتة. ونساؤه - صلى الله عليه وسلم - أعلم الأمة بهذه المسألة، وقد كنّ يَسْدُلن على وجوههن إذا حاذاهن الرُّكبان، فإذا جاوزوهن كشفن وجوههن (٢). وروى وكيع، عن شعبة، عن يزيد الرِّشْك (٣)، عن معاذة العدَوية قالت: سألت (٤) عائشة: ما تلبس المحرمة؟ فقالت: لا تنتقب، ولا تتلثَّم، وتسدُل الثوب على وجهها (٥).

فجاوزت طائفة ذلك، ومنعتها من تغطية وجهها جملةً. قالوا: وإذا سدَلت على وجهها فلا تدع الثوب يَمسُّ وجهها، فإن مسَّه افتدت. ولا دليل على هذا البتة. وقياسُ قول هؤلاء أنها إذا غطَّت يدها افتدت، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سوَّى بينهما في النهي، وجعلهما كبدن المحرم، فنهى عن لبس القميص والنقاب والقُفَّازين. هذا للبدن، وهذا للوجه، وهذا لليدين. ولا يحرُم سترُ


(١) أخرجه البخاري (١٨٣٨) من حديث ابن عمر.
(٢) رواه أحمد (٢٤٠٢١)، وأبو داود (١٨٣٣)، وابن ماجه (٢٩٣٥) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وسنده ضعيف، وله شاهد من حديث فاطمة بنت المنذر عن جدّتها أسماء - رضي الله عنها -، رواه الإمام مالك (١١٧٦)، وإسحاق بن راهويه في "المسند" (٢٢٥٥)، وصححه ابن خزيمة (٢٦٩٠)، والحاكم (١/ ٤٥٤). وانظر: "المحلى" لابن حزم (٧/ ٩١). ويشهد له أيضًا الحديث التالي.
(٣) ما عدا ع: "عن الرشك" أو "بن الرشك".
(٤) ساقط من ع. وفيما عدا س: "سئلت" بالبناء للمجهول.
(٥) علّقه ابن حزم في "المحلى" (٧/ ٩١) عن وكيع به. وتابعه معاذ بن معاذ العنبري، ومن طريقه رواه البيهقي (٥/ ٤٧).