للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه طائفة ما فيه حقيقة الفدية ومعناها، واشترطت له لفظًا معيّنًا، وزعمت أنه لا يكون فديةً وخلعًا إلا به. وأولئك تجاوزوا به، وهؤلاء قصَّروا به.

والصواب: أن كلَّ ما دخله المال فهو فدية بأيِّ لفظ كان. والألفاظ لم تُرَد لذواتها ولا تُعُبِّدنا بها، وإنما هي وسائل إلى المعاني. فلا فرق قطُّ بين [١٣٤/أ] أن تقول: اخلَعْني بألف، أو فادِني (١) بألف، لا حقيقةً ولا شرعًا، ولا لغةً ولا عرفًا. وكلام ابن عباس والإمام أحمد عامٌّ في ذلك، لم يقيِّده أحدهما بلفظ، ولا استثنى لفظًا دون لفظ. بل قال ابن عباس: عامة طلاق أهل اليمن الفداء (٢).

وقال الإمام أحمد: الخُلْع فرقة، وليس بطلاق (٣). وقال: الخلع ما كان من جهة النساء (٤). وقال: ما أجازه المال فليس بطلاق (٥). وقال: إذا خالَعها بعد تطليقتين فإن شاء راجعها، فتكون معه على واحدة.


(١) في جميع النسخ: "فارقني". والصواب ما أثبت من النسخ المطبوعة، وهو مقتضى السياق.
(٢) كذا، وإنما ذكره إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص لابن عباس - رضي الله عنهما -، كذلك رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١١٧٦٥). وذكره الإمام ابن تيمية على الصواب، كما يُرَى في "مجموع فتاويه" (٣٢/ ٢٩٠، ٢٩٧).
(٣) انظر: "مسائل عبد الله" (ص ٣٣٩)، و"مسائل الكوسج" (٤/ ١٩٠٢، ١٩٧٤)، (٩/ ٤٦٠٦)، و"الروايتين والوجهين" (٢/ ١٣٦).
(٤) انظر: "مسائل عبد الله" (ص ٣٣٩).
(٥) في "اختيارات البعلي" (ص ٥٦٦): "قال عبد الله: رأيت أبي يذهب إلى قول ابن عباس، وابن عباس صحَّ عنه أنه كل ما أجازه المال فليس بطلاق". وقد أخرجه عبد الرزاق (١١٧٦٨، ١١٧٦٩).