للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩]. وكان ابن عباس يقول: هو فداء (١). قال ابن عباس: ذكر الله الطلاق في أول الآية، والفداء في وسطها، وذكر الطلاق بعد. فالفداء ليس هو بطلاق، وإنما هو فداء (٢).

فجعل ابن عباس وأحمد الفداء فداءً لمعناه، لا للفظه. وهذا هو الصواب، [١٣٤/ب] فإن الحقائق لا تتغير بتغيُّر (٣) الألفاظ، وهذا باب يطول تتبُّعه.

والمقصود: أن الواجب فيما علَّق عليه الشارع الأحكام من الألفاظ والمعاني أن لا يُتجاوز بألفاظها ومعانيها، ولا يُقصَّر بها، ويُعطى اللفظُ حقَّه والمعنى حقَّه. وقد مدح الله سبحانه أهلَ الاستنباط في كتابه، وأخبر أنهم أهل العلم. ومعلوم أن الاستنباط إنما هو استنباط المعاني والعلل ونسبة بعضها إلى بعض، فيعتبرَ (٤) ما يصحُّ منها بصحة مثله ومُشبِهه ونظيره، ويلغى ما لا يصح. هذا الذي يعقله الناس من الاستنباط.


(١) انظر: "المصنف" لعبد الرزاق (١١٧٦٥).
(٢) روى (معناه) عبد الرزاق (١١٧٦٧، ١١٧٧١)، وسعدان بن نصر في "جزئه" (٥٧) ــ ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبير" (٧/ ٣١٦)، وفي "السنن الصغير" (٣/ ١٠٦) ــ، وابن المنذر في "التفسير" ــ كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٢/ ٦٨١) ــ.
(٣) س: "بتغيير"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٤) ح: "فنعتبر"، وكذا "نلغي" فيما بعد.