للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا المعنى، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربِّه تبارك وتعالى: "ابنَ آدم، (١) لو لقيتَني بقُرابِ الأرض خطايا ثم لقيتَني لا تُشرك بي شيئًا لقيتُك بقُرابها مغفرة" (٢). وقوله: "إنَّ الله حرَّم على النار مَن قال لا إله إلا الله مخلصًا (٣) من قلبه" (٤). بل محوُ التوحيد ــ الذي هو توحيد (٥) ــ للكبائر (٦) أعظم من محو اجتناب الكبائر للصغائر (٧).

وتأمَّلْ قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: ١٢ - ١٤]، كيف نبَّههم بالسفر الحِسِّي على السفر إليه؟ وجمع لهم بين السفرين، كما جمع لهم بين الزادين في قوله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: ١٩٧]، فجمع لهم بين زاد سفرهم وزاد معادهم؟ وكما جمع بين اللباسين في قوله: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ


(١) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: "إنك".
(٢) رواه الترمذي (٣٥٤٠) من حديث أنس - رضي الله عنه - مرفوعا، وقال: "حسن غريب". وفي سنده لينٌ، لكن يشهد لصحة هذا الجزء منه حديث أبي ذر - رضي الله عنه - عند الإمام أحمد (٢١٣١٥)، ومسلمٍ (٢٦٨٧).
(٣) في النسخ المطبوعة: "خالصًا".
(٤) أخرجه البخاري (٤٢٥) ومسلم (٣٣) من حديث عِتبان بن مالك. ولفظه: " ... لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله".
(٥) يعني: الذي هو توحيد حقيقي لا شائبة فيه. وفي ف: "هو محو". وفي ح وضع بعضهم إشارة بعد "هو"، ثم كتب في الهامش "محو" مع علامة صح، وهو غلط.
(٦) س، ع: "الكبائر"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٧) ع: "الصغائر".